بالوحدة والمقاومة يتوقف التطبيع ويزول الاحتلال

المحامي علي أبوهلال| فلسطين

محاضر جامعي في القانون الدولي

في خطوة جديدة متوقعة أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الجمعة الحادي عشر من شهر أيلول الجاري، إن البحرين انضمت إلى الإمارات في إبرام اتفاق لتطبيع العلاقات مع إسرائيل ” السلطة القائمة بالاحتلال”، وأشار ترامب، إلى أنه أجرى اتصالا هاتفيا مع عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ومع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اتفقوا خلاله على إقامة علاقات دبلوماسية بين المنامة وتل أبيب، وصدر عن الدول الثلاث بيان مشترك، ينص على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين إسرائيل ومملكة البحرين.

وجاء في البيان أن مملكة البحرين قبلت الدعوة للانضمام إلى إسرائيل والإمارات في حفل التوقيع في 15 ايلول 2020، في البيت الأبيض، حيث سيقوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني، بالتوقيع على إعلان سلام تاريخي”.

وجاءت هذه الخطوة في ظل استمرار الجهود الأمريكية المتسارعة، لتطبيع العلاقات بين الدول العربية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وذلك في ظل تدهور وضعف موقف الدول العربية المساند للقضية الفلسطينية، والذي عبرت عنه جامعة الدول العربية في اجتماعها العادي الأخير في التاسع من الشهر الجاري، والذي رفضت فيه دعم الطلب الفلسطيني برفض وإدانة التطبيع الإماراتي الإسرائيلي، الذي يشكل خروجاً عن المبادرة العربية وموقف الإجماع العربي المساند للقضية الفلسطينية الذي يربط التطبيع العربي الإسرائيلي، بإنهاء الاحتلال والتوصل لحل سياسي يضمن الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وفقاً لمبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية. ومن المتوقع أن تحذو دول عربية أخرى حذو التطبيع الاماراتي البحريني مع دولة الاحتلال، طالما بقي الوضع العربي كما هو عليه الآن من الضعف والتفكك والتدهور.

أن تطوير الموقف العربي الرسمي المساند للقضية الفلسطينية كان ولا يزال مرهونا بقوة الموقف الفلسطيني، وليس مرتبطا بالاعتبارات القومية والدينية والتاريخية التي تربطنا بالعالم العربي فقط، فكل هذه الاعتبارات لم تكن كافية لاستنهاض الموقف العربي الرسمي تجاه مساندة نضال الشعب الفلسطيني، من أجل نيل حقوقه الوطنية المشروعة، وفي مقدمتها حقه في العودة والاستقلال وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

وهذا ما أكدته تجربة الانتفاضة الفلسطينية المجيدة الأولى، والتي لولا اندلاعها في ذلك الوقت العصيب التي كانت تمر به القضية الفلسطينية، لما تم استنهاض الوضع العربي الرسمي المساند لقضيتنا الوطنية.

الموقف العربي والدولي المساند للقضية الفلسطينية ارتبط على الدوام بعناصر القوة التي يملكها الشعب الفلسطيني، وبقدرة حركته الوطنية على استنهاضها وتفعيلها في مجابهة الاحتلال في الميدان وعلى الأرض، وهذا ما حققته الثورة الفلسطينية والانتفاضة المجيدة للشعب الفلسطيني، وما حققه الصمود الفلسطيني في كل المعارك والحروب التي شنت عليه، من قبل قوات الاحتلال سواء داخل الوطن أو في بلدان المهجر والشتات. وبالتالي لن تنجح بيانات الشجب والاستنكار ولا دعوات الاستغاثة ولا المطالبات الفلسطينية وحدها لمساندة قضيتنا الوطنية، ولتوفير التضامن العربي والدولي لنضال شعبنا ولدعم حقوفه الوطنية، إذا لم ترتبط بالوحدة الوطنية الفلسطينية، وبتصعيد المقاومة الشعبية ضد الاحتلال.

ان الاجتماع الأخير الذي عقده الأمناء العامون للفصائل والقوى الفلسطينية في كل من بيروت ورام الله وما نتج عنه من قرارات سياسية وتنظيمية وكفاحية، كلها تصب في تطوير الفعل الكفاحي والوطني للشعب الفلسطيني، وتستنهض الدور الكفاحي الوطني لقواه ولفصائله الوطنية والإسلامية، وهي التي تكفل تصليب الموقف الفلسطيني، وتعزيز كفاحه ضد الاحتلال، ومن أجل انتزاع حقوقه الوطنية المشروعة.

ان تنفيذ هذه القرارات هو الرد المناسب على خطوات التطبيع العربية مع سلطة الاحتلال، وهي الرد الكفاحي على سياسات الاحتلال الاستعمارية، وهي أبلغ رد على صفقة القرن، وهي التي تستنهض الدعم العربي والإقليمي والدولي لدعم نضالنا الوطني ضد الاحتلال ومن أجل نيل حقوقنا الوطنية المشروعة.

وفي هذا الاتجاه يأتي تشكيل اللجان الوطنية التي قررها الاجتماع، وفي مقدمتها القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية في الوطن والشتات، والتي أصدرت يوم السبت الثاني عشر من أيلول البياني، بيانها التأسيسي الأول، دعت فيه إلى تفعيل المقاومة الشعبية تحت راية علم فلسطين، واعتبار الثلاثاء المقبل “يوم رفض شعبي انتفاضي” ضد تطبيع البحرين والإمارات مع إسرائيل، جاء ذلك في بيانها رقم 1.

وكان الأمناء العامون للفصائل الفلسطينية قد اتفقوا، خلال الاجتماع الذي عقد في الثالث من شهر أيلول الجاري في بيروت ورام الله عبر الفيديو كونفرنس على تفعيل وتطوير “المقاومة الشعبية الشاملة” ضد الاحتلال، وتشكيل لجنة لقيادتها وأخرى لتقديم رؤية لإنهاء الانقسام.

وأكدت “القيادة الموحدة” في بيانها رقم 1 أن تلك الخطوة “تعبير عن رفضنا الحاسم لرفع علم الاحتلال والقتل والعنصرية على سارية الذل في أبو ظبي والمنامة”. كما دعا البيان إلى اعتبار الجمعة المقبل “يوم حداد ترفع فيه الأعلام السوداء في كل الساحات والمباني والبيوت، وتقرع الكنائس أجراس الحداد، وخطبة الجمعة رثاء للأنظمة”. وأضاف البيان: “ندعو كافة القوى الحية، والمؤسسات الأهلية، والجماهيرية والطلابية والنسوية على امتداد وطننا العربي الحبيب، لرفع راية العز العربية وعلم فلسطين، استنكارا ورفضا لاتفاقية العار في هذا اليوم الأسود”.

وجاء في مقدمة بيان القيادة الموحدة “اتكالاً منا على الله، وإيمانا منا بحقنا التاريخي بأرضنا ووطنا وقدسنا، نواجه بلحمنا الحي وصدور أبنائنا العارية إرهاب الاحتلال الرسمي وآلياته العسكرية، لنقدم التضحيات الجسام شامخين متراصين في خط الدفاع الأول عن عمقنا العربي والإسلامي والإنساني وقيمه ومصالحه وشرعية وجوده. وتجسيداً لقرارات مؤتمر الأمناء العامين لفصائل العمل الوطني نعلن انطلاقة مسيرة كفاحية شعبية شاملة تبدأ ولن تنتهي إلا بإنجاز الاستقلال الوطني لدولة فلسطين والقدس عاصمتها.

وأضاف البيان “نستلهم فعالياتها وفصولها من انتفاضات شعبنا منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى اليوم، واننا ندعو شعبنا الفلسطيني العظيم وشعوبنا العربية وأحرار العالم، للاصطفاف مع فلسطين طليعة الناهضين وسيوفها موجهة نحو عدونا المركزي الجاثم على أراضي دولتنا وقدسنا، لإحياء الجبهة العربية المساندة لنضالنا المشروع ضد الاحتلال وصفقة القرن، والتطبيع العربي، ولإسقاط اتفاقات العار والخيانة، التي أبرمها حكام الإمارات والبحرين ليواجهوا مصير من خانوا وتواطأوا في أربعينيات القرن الماضي، وإغلاق بوابة الانهيار المخزي لهذه الأنظمة ومن يواليها ويساندها أمام دولة الاحتلال” مستندين على وحدتنا التي نستعيدها ونكرسها بالمقاومة والتضحيات، ونعاهدكم أننا لن نسمح من جديد لأي كان أن يتلاعب بوحدة شعبنا ويتجاوز ثوابتنا ويهشم ما اجتمعنا عليه.

إن ما جاء في هذه المقدمة يعبر عن روح جديدة وتوجه جديد لاستراتيجية وطنية موحدة، لتعزيز وتفعيل الكفاح الوطني الفلسطيني، واستنهاض التضامن العربي والدولي المساند لنضالنا الوطني من أجل الحرية والاستقلال.