بدون مؤاخذة.. لا إسلام بدون الأقصى

جميل السلحوت | القدس العربية المحتلة

لم يُخفِ المحتلون نواياهم العدوانية ضدّ القدس ومقدساتها منذ اليوم الأوّل لاحتلالها في حرب حزيران 1967، فقبل أن تجف دماء المدافعين عن المدينة المقدسة قام المحتلون بهدم حارتي الشرف والمغاربة الواقعة أمام حائط البراق-الحائط الغربي للمسجد الأقصى- بما فيها 1012 بيتا تاريخيا ومساجد ومدارس، وشرّدوا مواطنيها، وأقاموا حيّا استيطانيا يهوديا مكانها، كما لم يُخفوا نواياهم بهدم المسجد الأقصى لبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه، ولم يكن حرقه في 21 آب-اغسطس- 1969 بداية هذه الاعتداءات تماما مثلما هي الاقتحامات الحالية والتقسيم الزماني له لن تكون الأخيرة.

وإذا كانت الأنظمة والشعوب العربية والإسلامية غافلة عمّا يجري في المسجد الأقصى فإن المحتلين لديهم خططهم وبرامجهم المدروسة لتقسيم المسجد الأقصى أو لهدمه لبناء هيكلهم مكانه.

وهم يتحيّنون الفرصة المناسبة لذلك، والتي لن تتجاوز العام 2020 إن لم تكن قبلها، وما يجري في الأقصى من تهويد ليس بعيدا عن تهويد القدس الذي يجري ساعة ساعة بل هو جزء من سياسة التهويد.

وبما أن المسجد الأقصى جزء من العقيدة الإسلامية ومقترن بالكعبة والمسجد النبوي الشريفين، وهو أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال فإن المساس به هو مسّ بالعقيدة الإسلامية واعتداء فاضح على حرية العبادة، والمسجد كذلك هو عنوان عروبة فلسطين، ولا يمكن تصوّر دولة فلسطينية بدون القدس ومقدساتها وفي مقدمتها المسجد الأقصى وكنيسة القيامة.

وما يجري حاليا من اقتحامات اليهود -ومنهم شخصيات رسمية- للمسجد الأقصى بشكل شبه يومي، تحت حماية قوى الأمن الإسرائيلية التي تبطش بالمصلين المسلمين من نساء وشيوخ، ومنع من هم دون الخمسين من دخول المسجد العظيم لآداء الصلوات، يرافق ذلك احتفالات وصلوات اليهود والاحتفال بأعيادهم داخل المسجد إلا إشارة واضحة للأسوأ القادم.

وهو عمليّة جسّ نبض لردود الفعل العربية والإسلامية رسميا وشعبيا، وبما أن هذه الردود تقتصر على “الشجب والاستنكار” و”التعبير عن الاستياء” فإن ذلك لا يشكل رادعا للاحتلال ومخططاته.

وبما أن “الكفاح والصمود العربي الرسمي” يقتصر على حسن النوايا بوعود “الصديقة أمريكا” التي لم تصدق يوما معهم، بل على العكس تتمثل بزيادة الدعم لدولة الاحتلال على مختلف الأصعدة، فإن هذا لن يمنع تقسيم المسجد الأقصى أو هدمه.

لكن ما يغيب عن الحكومة الإسرائيلية وحليفتها أمريكا من جانب، والأنظمة العربية والإسلامية من جانب آخر أن الإيغال في الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى سيشعل حروبا دينية، سيعلم مشعلوها متى يبدأونها، لكن لا هم ولا غيرهم يعلمون متى سينهونها، وسيتخطى لهيبها حدود الشرق الأوسط ليهدد السلم العالمي، لكنها بالتأكيد ستحصد أرواح ملايين البشر. وستسقط  أنظمة الشجب والاستنكار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى