أنفاس الفجر
سناء نصرة | فلسطين
بعد ساعاتٍ طويلة من النوم العميق، فتح الفجرُ عينيه الواسعتين على تلك الآفاق الشاسعة.. فوجدها خاشعةً مسبحةً للخالق العظيم .. وأجالَ نظره في متاهات المدى البعيد ، فرأى الأشجار العملاقة في تلك الغابة الخضراء ،
رآها غارقةً في صلاةٍ وادعة .. وسمع البلابلَ مغردةً شاكرةً ربها على بدايةٍ جديدة لرحلةٍ سعيدة ، تتنقل فيها بين الأغصان ، وتشدو أعذب الألحان ..
وبين أزقة الأكواخ الصغيرة كان صياح الديوك يعلن ولادةَ نهارٍ جديد ، وأملٍ ليس ببعيد .. فيما كانت مياهُ الجداول والأنهار تترقرق بسلاسةٍ بين الجبال الشامخة راسمةً لوحةً ساحرة من الجمال والإبداع الإلهي ..
وحين رفع الفجر رأسه نحو السماء، وجدها حنونةً صافية، وشعر بنسائم عليلة تلاطفه، كانت النسائم طاهرة نقية لم تلوث بعد بأنفاس الأشرار والحاقدين .. وعلى تلك التلال النائية .. تراقصت الأزهار طربا على أنغام العنادل والعصافير المزقزقة.. ونشرت الورود الجورية أريجَها الفوّاح بين تلك البِطاح ..
شعر الفجر بسعادة غامرة؛ فالكونُ ما زال في أمان؛ كيف لا ؟! إنه بيد الرحمن.. فأسرع الخُطا لإيقاظ الشمس النائمة ، شمس الحرية والأمل ، ودعاها لِتبثّ أشعتها الدافئة علّها تصل إلى تلك القلوب الباردة! وإلى القلوب الظامئة للدفء والمحبة .. فاستجمعت قُواها الخارقة ، وأرسلت خيوطَها الذهبية في كل مكان .. فابتسمَت عيونُ الكون، وابتسمت معها أنفاسُ الصباح .. ودموعُ العاشقين .. !