قوة الأفكار الإيجابية (4)
أ.د. فيصل رضوان _ الولايات المتحدة الأمريكية
عندما يتعرض الشخص لخسارة كبيرة أو حدث مأساوي ، لماذا تُحفظ كل التفاصيل في الذاكرة ؛ في حين أن كل الذكريات الإيجابية تتلاشى ببساطة؟
يبدو إن الأسباب أكثر تعقيدًا مما كان يعتقد العلماء بالماضى، وفقًا لدراسة نُشرت مؤخرًا في مجلة علوم الاعصاب Neuroscience لسابرينا سيجال ، الباحثة من جامعة ولاية أريزونا بالولايات المتحدة الامريكية.
عندما يتعرض الشخص لحدث مؤلم، يطلق الجسم نوعين من هرمونات التوتر الرئيسية: النوربينفرين والكورتيزول norepinephrine and cortisol. يعزز النوربينفرين معدل ضربات القلب ويتحكم في استجابة القتال أو الهروب “fight or flight “، والتي ترتفع عادة عندما يشعر الشخص بالتهديد أو يتعرض لردود فعل ومواقف عاطفية عالية.
إنه مشابه كيميائيًا لهرمون إبينفرين – المعروف باسم الأدرينالين. ويعمل النورإبينفرين كناقل عصبي قوي أو رسول كيميائي يمكنه تعزيز الذاكرة بشكل عظيم.
وأظهرت الأبحاث التي أجريت على الكورتيزول، أن هذا الهرمون يمكن أن يكون له أيضًا تأثير قوي في تقوية الذكريات—وخصوصا المأساوية.
يمكن أن يؤدي الموقف المجهد – سواء كان شيئًا بيئيًا ، مثل موعد العمل الذي يلوح في الأفق ، أو نفسيًا ، مثل القلق المستمر بشأن الأمان الاجتماعى وفقدان الوظيفة – إلى سلسلة من هرمونات التوتر التي تنتج تغييرات فسيولوجية منظمة بشكل جيد. يمكن للحادث المجهد أن يجعل ضربات القلب والتنفس أسرع والتى يمكن ملاحظتها ببساطة فى رعشات العضلات المتوترة وتساقط حبيبات العرق.
والمزيج من ردود الفعل فى إستجابة “القتال أو الهروب” تطورت مع الحيوان كآلية للبقاء ، وتمكين الناس والثدييات الأخرى من الإستجابة بسرعة للمواقف التي تهدد الحياة.
كما يساعد هذا التسلسل الفوري للتغيرات الهرمونية والإستجابات الفسيولوجية الشخص على محاربة التهديد أو الهروب إلى بر الأمان.
ولسوء الحظ ، يمكن للجسم أيضًا أن يبالغ في رد فعله “وبحساسية شديدة” تجاه الضغوط التي لا تهدد الحياة، مثل الاختناقات المرورية وضغط العمل والصعوبات العائلية.
وطالما نتساءل “لماذا حبيبى سريع فى تذكر المواقف المؤلمة؟”
والاجابة ببساطة، لأنه من الطبيعى فسيولوجيا أن يتم تذكر التجارب السلبية بسهولة أكبر، لا سيما عندما يكون الموقف مؤلمًا بدرجة كافية لإفراز الكورتيزول بعد الحدث، وفقط إذا تم إطلاق النوربينفرين أثناء الحدث أو بعده بفترة قصيرة. والآن العالم يبحث عن علاجات تمنع او تقلل من افراز هذا الهرمون الاخير. لأنه إذا تمكنا من خفض مستويات النوربينفرين فور وقوع حدث صادم ، فقد نتمكن من منع حدوث آلية تحسين الذاكرة للمواقف المؤلمة.
وعلى مر السنين، درس الباحثون الآثار طويلة المدى للتوتر المزمن على الصحة الجسدية والنفسية. حيث وجد أنه بمرور الوقت، قد يؤدي التنشيط المتكرر للاستجابة للضغط إلى إلحاق الضرر بالجسم.
حيث تشير الأبحاث إلى أن التوتر والتفكير السلبى يساهم في ارتفاع ضغط الدم، ويعزز تكوين جلطات الشرايين، ويسبب تغيرات في الدماغ قد تساهم في القلق والاكتئاب والإدمان.
وتشير المزيد من الأبحاث إلى أن التوتر قد يساهم أيضًا في زيادة معدلات السمنة، كلاهما من خلال آليات مباشرة (تجعل الناس يأكلون أكثر) أو بشكل غير مباشر (تقليل النوم وممارسة الرياضة).
ومع نهاية الحلقة الرابعة والاخيرة من سلسلة “قوة الافكار الإجابية” أتمنى لنفسى ولكم أن نستشرف شمس الأمل بيوم أجمل لنا ولأوطاننا، وأن ننظر إلى نصف الكوب الممتلئ بكل حمد وشكر، ونحاول معاً بالكلمة والعمل أن نملأ النصف الفارغ.