في مثل اليوم.. وفاة أحمد عرابي 21 سبتمبر 1911
فريدة شعراوي | باحثة في التاريخ والمصريات
نشرت جريدة المقطم، الموالية للاحتلال الإنجليزي، نص التماس تقدم به زعيم الثورة العرابية، الذي صرح به لأحد المراسلين البريطانيين عندما أجرى معه حوارا في منفاه في جزيرة سيلان.
وبدأ عرابى الحديث بإسباغ الثناء على إنجلترا وإصلاحاتها في مصر، وأن هذه الإصلاحات كانت عين ما طالب به وقال:
«إننى أبغى أن أموت في بلادى بين أهلى وخلانى وأشتهى أن أرى مصر والذين أحبهم قبل دنو أجلى، فإذا أذنت لى إنجلترا في الذهاب إلى مصر فإننى أذهب كصديق لا عدو مقاوم، وأقسم بشرفى أننى لا أتصدى للسياسة بوجه من الوجوه، هذا ما أسأله من أمتكم العظيمة التي عاملتنى بالرفق والشفقة».
كانت مثل هذه الأحاديث لعرابي من منفاه كفيلة بهز صورته الوطنية الخالدة في وجدان المصريين آنذاك، حتى إن الشاب الوطنى الصاعد آنذاك الزعيم مصطفى كامل ناصبه عداء صريحا بعد عودته.
و هنا نستحضر مطلع قصيدة أمير الشعراء، أحمد شوقى، الذي قال في عرابى إثر عودته من المنفى: «صغار في الذهاب وفى الإياب.. أهذا كل شأنك يا عرابى؟ لقد عاد عرابى من المنفى ومعه شجيرات مانجو فكان بذلك أول من أدخل المانجو إلى مصر».
عانى أحمد عرابى هو وأصدقاؤه من الوحدة، حتى انحازوا لليأس، ثم جاء “عرابي” لمصر في 1901 ومعه 3 فقط من زملائه، هم محمود سامي البارودي وعلي فهمي وطلبة عصمت، أما الثلاثة الباقيين وهم عبدالعال حلمي ويعقوب سامي ومحمود فهمي، فقد توفاهم الله.
فور عودة “عرابي” لمصر عادت له صحته من جديد، حيث قضى شيخوخته في تربية أبنائه الذين كانوا كثيرين جدا، ثم حدثت له حادثة شعر بعدها بالخوف من مستقبل أولاده، ما أدى لإصابته بعدها بداء السرطان، وكان يردد “أوروبا كلها لم تزلزل أقدامي ولكن الذي هد كياني خوفي على أولادي”.
اشتد المرض على جسد “عرابي” يهدم فيه، ويأس الطبيبان المعالجان له من شفائه، وفي يوم 19 سبتمبر 1911، زاره أمين باشا سامي صاحب تقويم النيل، وهنأه بنجاح ابنه في الشهادة الابتدائية، وناقشه في الثورة، وكان يردد دائما “يعلم الله أنني لم أخن بلادي وأنني خدمتها بما سوف تذكره الأجيال المقبلة وإن أنكره الجيل الحاضر”.
و في يوم 19 سبتمبر شعر أحمد عرابى بقليل من التحسن البسيط وتناول الطعام الذي لم يكن يتناوله وبالمساء شعر بآلام حادة وكان يقول “متى يكون اللقاء إيكون غدا أم بعد غد؟ إنه لبعيد جدا” وكانت هذه الجملة آخر كلماته ثم دخل في غيبوبة لم يعرف فيها من حوله ثم فاضت روحه في يوم 21 سبتمبر 1911 في نفس الشهر الذي اعتقله فيه الإنجليز ونفيه.