الشاعر العراقي ياس السعيدي والشاعرة مريم حميد وجهًا لوجه

– لا نصوص كاملة ومن آمن بكمال النص فقد طرق باب النقص

– عندما لا تعيدنا الكتب للحياة فهذا ليس نقصا في الكتب

– ليس شرطا أن تعود طفلا معنويا لكي تبدع في الكتابة للأطفال

– لا خير في حرف لا يجعل المحروم أميرا يكتب من أجله

– تألق الرواية ليس خسارة للشعر بل هي أرباح مضاعفة لمنسوب الجمال القليل في هذا العالم

رفع اسم بلده في سماء العالمية ويهدي الجميع زهرة شعره، وزخرف اسم العراق عاليا عاليا في سماء  الشعر العالمي ليثبت بقوة أن خارطتنا لا تزال درة هذا الكوكب سر أول من خط بالقلم ولبس المخيط في الوقت الذي قالوا:

 إننا نحتضر

قلنا: إننا نتنفس بقوة

وزفيرنا يثري الكون خضرة

لم نمت بعد وبرتقالنا هو الثريات التي شعَّت في قلعة كاستيودي دينو عندما زخرف اسمنا ياس السعيدي  بقصيدته (زخرفة في ذاكرة المتسكع العجوز) بالمرتبة الأولى من بين ألف وستمائة شاعر شاركوا من تسعة وسبعين دولة من القارات الخمس، ولم يكتف بذلك بل كان لابد من أن يسجل سعفنا الذهبي وجنائنا وكل شقيقنا الأحمرفي المركز الأول جائزة سحر البيان 2006، وجائزة الشارقة للإبداع 2007، وجائزة نوبل العرب، وجائزة الإبداع العربي، وأخيرا جائزة سعيد فياض مناصفة مع داود المهنا 2015.. هكذا قدمناه لنرى كيف يقدم نفسه في هذا الحوار..

بأي كلمة يحب الشاعر ياس السعيدي أن يقدم نفسه؟

أرحب بكم وبالقارئ طبعا أولا أما الكلمة الثانية التي أقدمُ  بها نفسي فهي اسمي ليس إلا، مجردا من كل ما سواه.

 

سأطرح على حضرتك ثلاث جمل وأريد تعليقك عليها.. ما جدوى الكتب إن لم تعدنا للحياة إن لم تجعلنا نعب مائها بلهفة أكبر كيف نعيد الحياة التي ذكرها هنري ميلر  للقراءة وبلهفة أكبر لفئة الشباب المتهمة بالابتعاد عنها؟

لا يمكننا أن نحمل إشارة المرور خطأ السائق.. عندما لا تعيدنا الكتب للحياة فهذا ليس نقصا في الكتب في الغالب.. عدة ظروف تواترت لتبعدنا عن الكتاب أهمها ما مر به البلد من حروب وضائقة اقتصادية حولت الإنسان العراقي إلى كائن يحلم بحماية نفسه من الحرب، وحتى في كل هذا الكوكب تتراجع القراءة يوما بعد آخر ربما بسبب ثورة الاتصالات وإيقاع الحياة الجديد الذي لا يترك للإنسان وقتا كي يجالس عائلته فكيف بالقراءة ! أما إعادة مكان الكتاب كما كان فأظن أنها عملية مستحيلة لكن بالإمكان تخفيف الأضرار لو وفرنا وضعا اقتصاديا جيدا ووضعا آمنا للبلد وقدمنا كتبا تستحق حمل هذا الاسم لا كبعض الكتب التي لا تساوي ثمن أوراقها.

 

يقول رسول حمزتوف: نحن الشعراء مسؤولون عن كل شي في هذا العالم هل تشارك حمزتوف هذه المسؤولية وألا ترى أن فيها شيء من المبالغة؟

قطعا لا أتفق معه، العالم مسؤول عن نفسه وعلى الشاعر وغيره أن يحاول الإصلاح ما استطاع، يصلح بأن يزيد نسبة الجمال في الحياة وفقط..

 

سر العبقرية هي الطفولة المستعادة هل تنفع الكتابة للأطفال دون استعادة أعمارهم وهل تعد الكتابة عكس ذلك خيانة لهم؟

لا أدري ما هو سر العبقرية ولا أستطيع الحكم بأن الطفولة هي السر لكن للطفولة دور مهم في نشأة المبدع وتطوره .. ليس شرطا أن تعود طفلا معنويا لكي تبدع في الكتابة للأطفال قد يكون هذا  ضروريا  كي تشعر بما يحسه الطفل.

 

الشعر هو سيد الفنون ويقال إن الشاعر الحقيقي مرتبط بالطيبعة دائما فهل هذا الحال الجميع أم هو حال الطبقة الرومانسية؟

ليس على المبدع فحسب أن ينجذب إلى الطبيعة بل إن أي إنسان سوي عليه أن ينجذب لهذا الجمال

الإلهي. فالطبيعة قصائد كتبها الله.

 

صرحت بأنك لم تتأثر في القرءان الكريم إذن كيف تفسر وجود التناص في نصوصك؟

لم أصرح بهذا أبدا، على العكس دائما ما أركز على تأثري بالقرآن الذي أراه سيد النصوص ولهذا لا تكاد تخلو قصيدة لي من التناص مع هذا النص الأعظم.

 

على رفوف روحك هل تتسيد محبة الناس كل جوائزك؟

محبة كل الناس!! هذا كثير على الجوائز… محبة شخص واحد تفوق ما حصلت عليه وسأحصل من

جوائز إلى يوم يقبض الله هذه النفس

 

 الكتابة هي صوت المحرومين من الحياة فما هي رسالتك لمن شلت الظروف مواهبهم من أبنائنا؟

الإبداع ليس في الكتابة والرسم والتمثيل والموسيقى.. كل مجال عمل هو فرصة للإبداع وحتى خارج مجال العمل إذ لا مبدع أكبر من أم تنجب طفلا وتجعل منه إنسانا صالحا لحب الإنسان..أقول لكل من حرمتهم الظروف من أن يبدعوا في مجالات الإبداع المعروفة.. أبدعوا في حياتكم الخاصة وفي عملكم وداخل أسركم وأما عن الذين سمحت لهم الظروف وأبدعوا وعُرفت أسماؤهم فأقول لهم: لا خير في حرف لا يجعل المحروم أميرا يكتب من أجله.

 

التعصب للنص هل هو حق مشروع أم هو أول خطوة لإنهاء اتصال الشاعر مع من حوله وبالتالي إنهاء القصيدة ؟

لا نصوص كاملة ومن آمن بكمال النص فقد طرق باب النقص من حيث لا يشعر كتاباتنا بشرية وكل عمل بشري قابل للخطأ وللصواب أو للجمع بينهما.

 

هل فعلا زاحمت الرواية القصيدة في ديوان العرب؟

نعم زاحمت الرواية الشعر بشكل كبير على موقع الريادة بسب من يدعون الشعر وسهولة طبع أعمالهم وهؤلاء بالمحصلة أكثر من الشعراء وأنشط أحيانا؛ لكني أرى هذا عاملا إيجابيا يصب لصالح الرواية والشعر معا وبالتالي في مصلحة الأدب بشكل عام فلتتألق الرواية وما في ذلك؟ ولا أرى تألقها خسارة للشعر بل هي أرباح مضاعفة لمنسوب الجمال القليل في هذا العالم.

 

هل تفضل الأسلوب التلقائي في إلقاء النصوص أم لابد من تخصيص أسلوب معين لكل قصيدة عند إلقائها.

قطعا لكل قصيدة طريقة تفرضها هي بنفسها، المفردة وما تؤثر في نفس الشاعر هي ما تكون الإلقاء أما تقصد الإلقاء فهذا أقرب  للتمثيل منه للحظة الشعر الجارفة.

 

لروح من تهدي زهرة ولروح من تهدي زهرة مواساة ولك أن تزهر ختام  حوارنا هذا بزهرة؟

أحتاج عشرات الزهور وعشرات من زهور المواساة وعشرات من الزهور.. الزهور الأولى لله الذي منحني سر الكلمات وسحرها ولأبي الذي جنبني مشقة رحيله قبل أن أدرك معناه ولأمي تلك المرأة التي صنعت وحدها ثلاثة رجال طيبين، لأخوتي،لأسرتي، لطفلي لياسر ونرجس لكل من علموني وجعلوا مني إنسانا يقرأ ويكتب ولكل من طبعوا قبلة على الجبين أو زرعوا خنجرا في الصدر زهور المواساة لمحمود النمر . حبيب النورس . الدكتور صلاح الكرغولي .. لكل الذين انطفأت أعمارهم في البدايات أو المنتصف  لأمهاتهم وزوجاتهم وبنيهم وكل أحبائهم  آخر الزهور لكم ولكل من عرفني أحبني أو كرهني، أسعدنا بعضنا أو جرحنا بعضنا .. زهرة تقول أحبكم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى