مقايضة وليس فتحا، وطارق لم يحرق سفنا.. فتح المسلمين لأسبانيا
د. يوسف زيدان | الإسكندرية
كان عبور المسلمين إلى الشاطئ الأندلسى، فى بداية الأمر، هو مجرد (مغامرة عسكرية) تمت بدعوةٍ من القوط أنفسهم، فى إطار التنازع الواقع بينهم. وهو ما يذكرنا بما وقع بعد قرون، حين تنازع ملوك الطوائف المسلمون فيما بينهم، واستعانوا بأعدائهم، فكانت النتيجة هى خروجهم من الأندلس، مثلما دخلوها أول مرة..
يقول الفيلسوف الألمانى الشهير، هيجل: نتعلَّمُ من التاريخ، أن أحداً لم يتعلَّم من التاريخ.
كان الاتفاق «السِّرِّى» بين الكونت يوليان والأمير موسى بن نصير (وهو ما يذكرنا بالاتفاقية السرية بين المقوقس وأبى بكر الصديق) يقضى بأن يتنازل يوليان للمسلمين عن منطقة «سبتة» وقلعتها الحصينة، فتصير بأيديهم مدن المغرب وقلاعها كلها، فى مقابل أن يدعم المسلمون بجيشهم أطماع الكونت يوليان فى عرش إسبانيا (طليطلة تحديداً) وينالوا بعضاً من الغنائم.
ولم يكن بمستطاع موسى بن نصير، أن يُبرم اتفاقاً كهذا من دون استشارة الخليفة الأموى. فأشار الخليفة عليه (وكان آنذاك: الوليد بن عبدالملك بن مروان) بأن يختبر جدوى المسألة بعددٍ محدود من السَّرايا، ولا يغامر بالجيش كله فى أرض الإسبان التى لم يعرفها العربُ من قبل.
وهكذا ذهب سبعة آلاف جندى مسلم، على رأسهم «طارق بن زياد الليثى» لمعاونة الكونت يوليان فى حربه، وكان إبحارهم من شاطئ المغرب إلى ساحل إسبانيا المقابل، بالسفن التى يملكها الكونت يوليان، الذى كان يملك أسطولاً من السفن يتاجر به فى البحر المتوسط تجارة واسعة.
وتمَّ الأمر فى شهر رجب سنة ٩٢ هجرية (أبريل سنة ٧١١ ميلادية) ونزل المسلمون الأندلس لأول مرة، فى الربيع.. وبالطبع، لم يقم طارق بن زياد بإحراق السفن، حسبما يعتقد معاصرونا؛ لأنها (ببساطة) لم تكن ملكاً له أو للمسلمين