شرارة تحت القمة البيضاء

فوزي البكري | القدس

ألقيت القصيدة أمام نصب سُلطـان باشـا الأطــرش فـي سـاحـة مـجـدل شـمـس، عاصمـة الجـولان السوري المحتل، في 4 نيسان 1987.

أَرَأَيْـتَ عِـمْلاقـاً وقَـدْ بَـلَغَ الـذُّرى

أُنْـظُرْ الى الجولان مَبْهوراً تَـرَى

//

هـذا تُـرَابٌ مُـنْـجـِـبٌ فـي غَرْسِـهِ

عِطْرَاً وفي الإنْسَان يُنْجِبُ عَبْقَرَا

//

أَرْضٌ طَـبـيــعـتُـهـا عَـطـاءٌ دائـمٌ

ورجالُها في الـرَّوْعِ آسادُ الشَّـرى

//

لانَـتْ لَـهُـمْ كالـمـاءِ فَـوْقَ عُـبَـابِهِ

صَرْحٌ مِنَ الأبْطالِ يُشْرِعُ مُبْحِرا

//

فـَإِذا بِـهِــمْ يَــومَ الـنِّـدا وإذا بِـهــا

خَـشِـنُـوا رَبَـابِـنَـة ً ورقَّتْ مَـعْـبَرَا

//

جَـلَسَتْ على عَرْشِ الربيعِ أميرةً

تَــغْــلـي بـهــاءً لا أَجـلَّ وأَبـْـهَـرا

//

نَثَرَتْ على وَجْـهِ البُحَيـرةِ فِـضَّـة ً

وعلى جَـَدائِلهـا عـقـيقـاً أَخْـضَـرا

//

واسْـتَحْضَرَتْ شُهـَدَاءَها فتزيَّنـَتْ

بخلـودِ ذِكْـراهُـمْ شـقـيـقـاً أَحـْمـَرا

//

جـنَّـاتُ عَـدْنٍ إِنْ وَطِئْتَ أَدِيمَهَـا

ألْـفَيْتَـها بَـيْنَ الـخَـمَـائِـل حُـضـَّرَا

//

فـإِذا تـفـيَّـأتَ الـظِّـلالَ فَـَرْوضَــة ً

وإذا رَشَـفْـتَ مِنَ الرحيقِ فكوْثرا

//

لـو ذاقَ آدمُ مِـنْ جَـنَــا تُـفَّـاحِـهَــا

تَـرَكَ الفَـرَاديـسَ الـعُـلا مُتَخَـيِّـرا

//

يَـا هَـضْبَـة َ الأحْـرَارِ تيهي عِــزَّةً

وتباركـي أرْضـاً وطيبي مَعْشَـرا

//

ضاهَيْتِ في المِضمارِ كُلَّ أصيلةٍ

وَكَـبَـا سِـــواكِ تَــردُّداً وَتَـعَــثُّــرا

//

مُنِحَـتْ بساتـيـنُ الوجـودِ نضـارةً

وَمُـنِحْـتِ بُسْتـانَ النَّضـارةِ مُثْمِرا

//

جـولانُ مَدْرَسَـةُ النِّضـالِ ورمْـزُهُ

لِلَّهِ مَـجْـدُكَ يا جلـيلُ، ألا تَـرى؟!

//

أَنْـتَ الذي نَـفَـحَ الجـبالَ صلابـة ً

مَـا بَـالُ صَـخْـرِكَ لـيِّـنـاً مُتكسِّرا

//

أيـنَ الميـاميـنُ الَّـذينَ تَوَاضَعَـتْ

مِـنْ تَـحْتِهِـمْ قِمَـمُ العُـروبة مِنْبرا

//

هَـلا لَـمَـحْـتَ على التـلالِ سَـريَّة ً

لا كـانـتِ العينـانِ إِنْ لَـمْ تَـنْـظُـرَا

//

حَفِظُـوا عُـرُوبَتَهُمْ وما هانـوا بِهـا

حتى تفيـضَ الـرُّوحُ أو تَـتَـحرَّرا

//

كَـان الـدُّروزُ على المدى أُمْثولـة ً

طَـوَتِ القرونَ زكيَّة ً والأعصُـرا

//

بَـقـِيَـتْ بِهِـمْ مِنْ مَيْسَـلُـونَ كتيبـة ٌ

أَعْظِـمْ بِهِـمْ خُلُقاً وأكْرِمْ عُنْصُـرا

//

تَهْفو القلوبُ الى روافِـدِ جُودِهِـمْ

لا يَنْفرُ الضِّيفَانُ مَا طَابَ القِرَى

//

سيُـخلِّـدُ التـاريـخُ يـومَ صمودِهـم

وَكَتَـائِـبُ الطُّغْيَـانِ تَنْتَهِكُ القـُـرى

//

رَفَضُوا هُويَّـةَ مَنْ يحـلُّ ديارَهَـمْ

دَنِسَـاً وَيَعْبُـرهـا دخـيـلاً مُنْكَـرَا

//

وتوحَّدوا بالارض حتى أصبحوا

مَـثَـلاً عـلـى الأيــامِ لَـنْ يَـتَكَـرَّرا

//

بِالفِـعْـلِ لا بِالقَوْلِ أثبتَ عَـزْمُهُـمْ

أنَّ الـمـبـادئ لا تُبَـاعُ وتُـشْـتَـرَى

//

صَـامـوا لِـغَـيْـرِ تَـنَـسُّـكٍ وَعِـبَـادةٍ

لَكِـنْ صِيَـامَ الـعَـاشِـقـيـنَ تَـحَـرُّرا

//

مَـنْ صامَ عن ذلٍّ صبيحة َ رفضِهِ

لا ريبَ في عصرِ الكرامةِ أفطرا

//

صَبَـرُوا على نَـار الحِصَارِ كأنَّـها

نـيـرانُ ابــراهـيـمَ بَـرْدَاً مـُجـمَـرا

//

والقِـمَّةُ الـبَيْضَـاءُ تَـحْـتَ ثُـلوجـِهَا

بُـرْكَـانُ رَفْـضٍ كَـاد ان يَـتَـفَـجَّرا

//

لـولا فُـتـورٌ فـي مَعِـيـنِ نِـضَـالِـهِ

يا قاسَيُـونُ فِـدَاكَ شامخـة ُ الـذُّرى

//

وَقَـفَ الطُّـغـاةُ الغَاصِبُـون بِبَابِهِمْ

أسْطـورةً هَـزْلى وَهَـوْلاً مُفْـتَرى

//

غُصَّتْ بأشْـوَاكِ الهَـوَانِ حُلُوقُهُمْ

وتوقَّعـوا ظَفَـرَاً فَعَـادوا القَهْقَـرَى

//

يا قـارئ التَّـاريخ راجـِعْ صَفْحَة ً

أرأيتَ ما فعل الغُرورُ بِهِتْـلَرا؟!

//

هِيَ سُنْـةٌ كَتَبَ الزَّمانُ قضاءَهـا

لا بُــدَّ لــلاقْــدَارِ أن تَــتَـغَـيَّـــرا

//

يَـتَـفَـرَّطُ الـنَّـاسُ العُـهُـودَ جَـهَـالَـة ً

والعهدُ في الجولانِ موثوقُ العُرى

//

بَـذَلَـتْ فَـلـسْـطـيـنٌ إلـيــكِ مَـــوَدَّةً

فَـبَــذَلْـتِـهـا ودَّاً وحُــبَّـــاً أَكْــبَــــرَا

//

أُخْـتَــان لا تَـتَـقَـطَّـعــان وشـيـجـة ً

مَهْـما اصـابَ التَّوْأمَيْنِ أوِ اعْتَـرى

//

فَـإِذا تـألَّـم فـي الجـنـوبِ مُـجَــرَّحٌ

هَـبَّ الشَّـمـالُ مُـواسِـيـاً ومُـشَـمِّرا

//

تَـتَـيَـقَّـظـانِ لِـكُـلِّ أَرْقَــطَ كَــامِــنٍ

والشَّـرْقُ بالأحـلامِ مَعْسُولُ الكَرَى

//

جَـسَّـدتُـمَا مَـعْـنَى الإِبَـاءِ وَشَـكْـلـَـهُ

وَفَجَـرْتُـما نَبْـعَ البُطُـوْلـةِ مَـصْدرا

//

وَغَدَوْتُـمـا لِـذَوِي الـمُـروءَةِ قِـبْـلَـةً

وَلِكُلِّ مَـنْ عَشَـقَ الكَرَامَـةَ مَشْعرا

//

وَالَـيكُـمَـا نَـسَـبَ الـفِـدَاءُ أُصُـولـَهُ

قِمَمُ الخُـلُودِ أَعَـزُّ مِـنْ أنْ تُقْهَـرا

//

يَـا مَجْـدَلاً لِلشَّـمْـسِ بَـلْ يَا نورَها

يَـا بُؤْبُـؤَ الإِلهـامِ في عينِ الـوَرَى

//

دومـي علـى أُفُـقِ الليَـالي نَـجْـمَـةً

يُهْدَى بها الأحْرارُ عُشَّـاقُ السُّرَى

//

هَـذا أَمِـيْـرُكِ فـي رِحَـابِـكِ مَـاثِـلٌ

أَحْـرَى بِـطَـائلِ غَيبةٍ أنْ يَحْضُرا

//

سُـلْـطـانُ.. ما سُلطـانُ إِلا ثـائِــرٌ

جَعَـلَ البَنَـادِقَ للتَّحَـرُّرِ مِـحْــوَرا

//

وَحِـجَـارَةُ التِّـمْـثَالِ تَرْسُمُ صُـوْرَةً

وَحِجَارَةُ الأَطْفَالِ تُثْبِـتُ جَـوْهَـرَا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى