غندرة مشي الفدائي غندرة

 شوقية عروق منصور | فلسطين

في سنوات الستينات، عندما انطلقت شرارة الكفاح المسلح وكان العنوان منظمة التحرير الفلسطينية وبعض الفصائل التي تورمت وسمنت على جلد الشعب الفلسطيني وشعارها كنس الاحتلال وانتشال الوطن من الأسطورة الصهيونية والعودة إلى الحق المسلوب. وجد الشباب الفلسطيني نفسه داخل شلال سينزع ويقلع ويغير الخارطة.

كان حلمه وأجنحته وتصميمه ودمه المهر الذي سيدفعه ثمناً لتلك العودة. كانت صورة الفدائي محاطة بقدسية وهالة نورانية من الانتماء المثقل بالفداء ونكران الذات.

ولطالما حدقنا في الصورة وحلقنا بها عبر كل الأوجاع والانتظار واللجوء القاسي والتشرد المخيف اللا إنساني الذي يصفع السنوات ويدخلها في خريف اليأس. 
أغنيات كثيرة غنيت للفدائي الذي يمر في الشوارع والطرقات حاملا سلاحه مقتحماً الصعاب والمغامرات والحدود والجغرافيا اللعينة التي حوّلته إلى رقم بدلاً من بوصله تشير إلى الهدوء والاستقرار، مثل باقي الشعوب في العالم.

أغنيات كثيرة غنيت للفدائي مرفوع الهامة, الذي يمشي ملكاً وقادراً وقوياً, والذي يرفع الزمن الكئيب ويشق بأصابعه الصخر، لكي يفتح ثغرة تطل على الوطن. أغنيات كثيرة مجّدت الفدائي والسلاح الذي يحمله.

وما زالت بعض هذه الأغنيات حتى اليوم سفيرة الثورة.. يرقصون ويدبكون على أزيز نارها وحماسها وتصميمها كديكور خاص لحنين وذاكرة.
كانت أغنية صباح “غندرة مشي العرايس غندرة” من أشهر الأغاني التي حولها الشعب الفلسطيني إلى “غندرة مشي الفدائي غندرة” وانتشرت حتى أصبحت علامة مميزة للفخر ، حيث كانت خطواته وهو يتهادى في الشوارع العربية رسالة إلى ورثة التخاذل والأجساد المصابة بتكلس الغدر، وإن السلاح الذي يحمله الآن ليست عاهة، بل هو قناة للوصول إلى الوطن.”

“غندرة مشي الفدائي غندرة”.. أغنيه كان الفلسطينيون يغنونها في الأردن، في المخيمات اللبنانية، في سوريا، وفي الشتات يرقصون ويدبكون على أنفاسها، خاصة عندما كان الفدائيون يقومون بعملية ترعب الدولة العبرية، وتثير غضب الدول التي تدور في الفلك الإسرائيلي وتشد على أيديهم.
اختفت الغندرة في شوارع التنازلات والمصالحات، ولم يبق سوى صفحات تاريخية، شاهدة عيان على أبطال قدموا أرواحهم فداءً للوطن، لكن سرعان ما بلعهم النسيان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى