مقطع من نص ( فائض بالموت )

سميح محسن | شاعر فلسطيني

لم يبقَ من ريحِ الهنودِ الحمرِ غيرُ خصالِهم،

في خطبةِ الهنديَّ روحٌ لم تغادرْ سرَّ معبدِها،

ومعبدُها هو الأرضُ التي نبتت عليها سيرةُ الأجدادِ

مذْ وجدوا على رملِ الشواطئِ

في بلادٍ تقطرُ الغيماتُ من دمهم،

لتروي العشبَ في الأدغالِ،

لم يقرأ “سياتل” قبل خطبتِه الأخيرةِ غيرَ تاريخِ البلادِ

وسرّها الأبديَّ محفوراً على جلدِ الرّجال…

ريحٌ محلاّةٌ بأزهارِ المروج،

هل يفهم الرجلُ الغريبُ وصيّةَ الهنديّ،

بلاغةَ حسَّهُ العالي،

ورفضَ نزولِ “كولمبوس” على رملِ المحيط،

ليهتكَ سترَ هذي الأرضِ

هل يفهمُ الرجلُ الغريبُ علاقةَ الفلاحِ بالأرضِ التي تخضرُّ

تحتَ عباءةِ اليومِ الطويلِ

على ضياءِ الشّمسِ

صوتِ الريحِ عذباً،

وهي ترمحُ بينَ أوراقِ الصنوبر،

فوقَ أمواجِ المياه…

هل يفهم الرجلُ الغريبُ سؤالَه عن بيعِ حباتِ المياه،

دفءِ السماءِ

الشاطئِ الرمليّ،

والأزهارِ، أوراقِ الصنوبر، والغزالاتِ، الحصانِ، الذكريات…

لم يقرأ الهنديُّ (رأسَ المالِ)

وهو يحاكمُ الرجلَ الغريب،

رجلٌ تسلّل في ظلامِ الليلِ، كانَ مدججاً بالنّارِ، محمولاً على أكتافِ أطماعٍ، يحاول زرعَها بعد اقتلاعِ روايةٍ جُبِلَت على جسدِ المروجِ لها صدى في غيهبِ الأحراج، في قِمَّمِ الجبالِ، صفاءِ ماءِ النّبعِ يجري في السواقي، وهو يحملُ همسَ مَنْ وُلِدوا على الأرضِ التي رُوِيَتْ بأحلامٍ تِشِّعُ من القصّصِ الحميمةِ، بعدما حلّ البّلاءُ على البلاد..

هل يفهمُ الرجلُ الغريبُ بلاغةَ المعنى المقدّسِ في الخطاب؟!!

أو في التعابيرِ التي ارتسمتْ كخارطةٍ على جسدِ الزعيم،

وداعاً أيّها الهندي الأخير…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى