متناقضات أصحاب البيان وأهل الأدب

وداد معروف| إعلامية وأديبة مصرية

إن ألطفَ وأزينَ ما يُعطي المرءُ هو بيان جميل يصوغ به أفكاره النبيلة النيرة فتخرج في سبك متجانس و حبك متآزر، و قد أفاض الله علي أهل الأدب من هذه النعمة، وليس كل من انتسب لهم هو منهم، ففيهم الدعي والمتشبع بما لم يُعط ، و هؤلاء هم آفة هذا الوسط، فالمكائد والتباغض والتحاسد يأتي منهم، زد عليه أيضا انتهاز الفرص وسرقة جهد الآخرين والطعن فيهم والتهوين من إنجازاتهم، الأديب الحق الذي يروم أن يكون رائد قومه وحامل راية التنوير، لا يشغله إلا أن تصل رسالته وتقع منهم موقع النور الذي يجلي العتمة، و الغيث الذي تربو به الأرض العطشى، لا تشغله  المعارك الأدبية إلا بمقدار قربها أو بعدها من الحق، فالأدب و صناعته لا يؤكِل خبزا ولا  يُكسي عاريا  ولا يغني من فاقة ، هو النعمة التي بقدر ما ترفع قدر صاحبها؛ بقدر ما يشقي بها أيضا، فهو منكفئ أبدا علي قلمه و أوراقه، منعزل عن مباهج كثيرة تسعد رفاقه، لكنه عندما تخرج كلماته للنور وتجد صداها لدى قرائه، هنا فقط يشعر أنه نال أعلى مكافآته، كثيرا ما أتحير لحال أصحاب الكلمة، كيف وهم أهل الحق والخير والجمال، تخلو علاقات بعضهم من الخير والحق والجمال، ونري فصاما بينا بين ما يكتبون و ما يمارسون من أفعال، لكن أعود وأقول إنها النفس البشرية وتعقيداتها العجيبة، وأيضا الدنيا و بهرجها الذي ينسينا كثيرا ما نأخذ به أنفسنا من الاستقامة علي الطريقة، وكما بدأت يا صديقي بقولك إن الدنيا ضجة فارغة و حقيقة زائلة فأنا أزيد علي قولك إنها أيضا امرأة فاتنة لا تمل الغواية، لا تفقد نضارتها، فهي شابة دائما و إلا ما وجدت لها طلابا، عرف حقيقتها من أدرك وجهتها و رأي مصارع عشاقها، فاحتاط لنفسه منها و تعامل معها بقدر ما ينفعه و ينفع رسالته، هذا هو الأديب الذي تبقي بصمته و لا تمحى أبدا كلمته بعدما جعل مدادها مزج من صدقه ووفائه و أمانته. ولن نقول فسد الناس كلهم، فهذا ضد نواميس الله في خلقه، سيظل للحق أهله، وسيظل للبر أولياؤه الذين يحملون لواءه، جعلنا الله منهم، فلا أجمل من أن نكون في دربهم، نسعي بنورهم، ونسعد بصدق لهجتهم، إن اختار غيرنا الغثاء مشربا اخترنا نحن الماء الزلال تضلعا و ريّا.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. الأخت وداد معروف. سلام عليك
    موضوعك عز متناقضات الأدب….رائع وبخاصة قضية السرقات الأدبية من اللصوص المحترفين. وقد وقعت ضحية هذه اللصوصية في موقع ثقافي يمني إذ سرق أحدهم ثلاث مقالات لي ونشرها باسمه حرفيا. ورغم الشكاوي لم تحذف هذه اللصوصية.
    وقد عثرت على موقع ثقافي أمريكي يهتم بثقافة العرب المعاصرة ونشر لي عدة مقالات موثقة بالصورة والاسم والمصدر.
    لا عقاب على هذه اللصوصية حتى الآن مما يساعد اللصوص على لصوصيتهم.
    تحياتي لك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى