التعددية السردية وتداخل الأزمنة في رواية مفيستو فيلس لـ ” عوني صادق “

وليدة محمد عنتابي | أديبة وناقدة سورية
صدرت الرواية حديثا عن دار مطابع الوثائق في شبين الكوم بمصر لعام 2020م في 233 صفحة بين دفتي غلاف مصمم على نحو يعود بالمطالع إلى عصور غارفة في ظلام السحر الأسود الذي ما ينفك يمارس سطوته على الموجودات البشرية، متخذا من التكنولوجيا سلاحا فعالا لتحقيق مآربه الشيطانية وبسط هيمنته اللامشروعة على العالم.
تقوم شخصيات الرواية بدور السارد مما يضفي الحيوية والحراك على مستوى الحدث.
وكأن السارد الحقيقي متخف وراءها مسوقا رؤاه وأفكاره من خلال تباينها واختلاف منازعها ومشاربها.


تتمتع الرواية بكم هائل من المعلومات خاصة ماهو معاصر لبعض أحداثها بالإضافة إلى تنقلها الزمكاني بين الحقب رابطة بين ماهو ماض على طريقة الفلاش باك وبين ماهو آني وليد لحظته.
أسلوبها سلس مستساغ ولغتها المتمكنة متساوقة مع مضامينها المتعددة. وقد استطاع الكاتب من خلال تلك اللغة التي ألفت وربطت بين الأحداث بأسلوب تشويقي استطاع أن يشد القارئ إلى متابعة فصولها وأحداثها، دون أن يربكه أو يزجه في متاهات التأويل والتحليل .
رواية تحاكم المال وأربابه وتدين السلاح ومرتزقته والظلم وحكامه .
المال: ذلك الأخطبوط الذي تعددت أذرعه واستطالت في كل اتجاه .
تتخلل الرواية أحداث حقيقة وقعت في الماضي وإحداث معاصرة موازية، ربط بينهما بطريقة لافتة، تؤكد أن طغيان الشر مستمر وامتداد الجشع سادر والظلم لا حدود له .
وان تلك الآلة الجبارة تمد شباكها الشيطانية على العقول فتستلبها وعلى المشاعر فتجمدها وعلى البصيرة فتطفئها .
وعلى كل من يخرج عن طوعها وإرادتها وضد مصلحتها .
وما أكثر الذين وقعوا تحت سيطرتها برغمهم أو برضاهم موقعين صك عبوديتهم بقطرات من دمائهم؛ بينما يتمدد وجه الشيطان الإغوائي على شاشة العرض الكبرى لكون فقد مصداقيته وثوابته وتخلى عن ضوابطه آيلا للدمار، وقد جلجلت قهقته هادرة ساخرة في تحد وشماتة.
رواية تكشف الفساد في المؤسسات والدوائر ومغاور حكومة العالم الخفية؛ تكشف ضعف النفس البشرية الأمارة بكل سوء ، وموت الضمير وهيمنة الآلة والخروج عن كل ماهو إنساني وجميل لصالح الوحشي والذميم، إلى تصحر شاسع التاثير مديد العبور .
ويا سعد من استطاع أن ينجو من براثن تلك الترسانة الساحقة المتغولة في امتصاص الدم وتأليه المال .
تضم الرواية في منعطفاتها معلومات مهمة وتوثيقية لبعض المؤسسات والمنظمات الدولية ، كما يتمتع الكاتب بثقافتة العالية المستوى وغزارة معلوماته ومصداقية مصادره ورغبته اللامحدودة في تقصي الحدث ووضعه تحت المجهر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى