أمومة

عبد الرزّاق الربيعي | شاعر ومسرحي وكاتب صِحَافيّ

قبل أن تغمض الجدّة

عينيها في شوطها الأخير

أوصت المشيعين

أن تنام بحضن أمها

وبدون قناعة كاملة

حفروا لها ثقبا

مناسبا لنزوة ميّتة

واهالوا التراب على شيخوختها

وتفرّقوا

في كلّ فجّ عميق

في تلك الليلة

نامت الجدة بحضن أمها

ونامت الأم

مطوّقة بيديها المهشمتين ابنتها

وسط دهشة الأرواح الجائلة

في محيط المقبرة

ولم تعد الجدّة جدّة

ولم يعد للتراب معنى..

لاسيما بعد أن بدأ كائن ما

يحبو تحته…

واستعادت الأمّ

أمومتها المفقودة

حتى الحليب

تدفّق كشلّال حنان

من صدرها

شربته الجدّة

على عجل

وأسندت رأسها

على أضلاع أمّها العتيقة

ثمّ نامت للأبد!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى