من المتهم؟.. المسلمون أم الغرب؟

د. عادل المراغي | مصر
وقف المستشرق الاسكتلندي: (تي.بي.ارفنج)_ الأستاذ بجامعة (تنسي) الأمريكية_ يخاطب المسلمين في مدينة (جلا سجو) ببريطانيا منذ سنوات فماذا قال البروفيسور؟
لقد قال:-
(إنكم – أيها المسلمون – لن تستطيعوا أن تنافسوا الدول الكبرى علميا أو اقتصاديا أو عسكريا في الوقت الحاضر على الأقل ولكنكم تستطيعون أن تجعلوا هذه الدول تجثو على ركبها أمامكم بالإسلام !!
أفيقوا من غفلتكم لقيمة هذا النور الذي تحملون والذي تتعطش إليه أرواح الناس في مختلف جنبات الأرض
تعلموا الإسلام وطبقوه واحملوه لغيركم من البشر تتفتح أمامكم الدنيا ويدن لكم كل ذي سلطان.
أعطوني أربعين شاباً ممن يفهمون هذا الدين فهمتً عميقاً ويطبقونه على حياتهم تطبيقاً صحيحاً ويحسنون عرضه على الناس بأسلوب العصر وأنا أفتح بهم الأمريكيتين.
إن أفة المسلمين اليوم هو عدم فهم هذا الدين فهما صحيحا. والفشل في عرضة بصورة ناصعة واضحة باعتباره دين الفطرة ودين الانسانية جميعآ، ولو أننا صدرنا الإسلام للغرب بصورته السمحة وبجوانبه الانسانية. وبقيمه الجمالية لاخترق الإسلام أسوارهم وطرق عليهم أبوابهم،.

إن آفه المسلمين في الغرب يكمن في تصدير عقدهم النفسية. وخلافاتهم المذهبية، فالذي يمثل الإسلام في الغرب اما جماعات سلفية جامحة تأثرت بغبار الصحراء وفكرها البدوي، واما جماعة الإسلام السياسي التي جعلت الإسلام سلعة في سوق المضاربة وإما بعض الشيعة الذين يدعون الي امامهم المنتظر الغائب التائه في السراديب واما بعض الأزاهرة الذين أرسلتهم الدولة وهدفهم البحث عن المال في شوارع أوربا وأزقتها.. كل هذه الأنصاف لا تمثل الإسلام ولا تعرف شيئاً عنه، وبعض الغرب معذور في عدم معرفته بالإسلام. ولو عرفوه ما كرهوه وان لم يتبعوه أنصفوه،(بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِۦ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) ۥ
وهناك نماذج من مفكري الغرب عرفت الإسلام فأنصفته أمثال كارليل، وغوستاف لوبون، وتولستوي،وبرنادشو،ومايكل هارت ومنهم من آمن أمثال روجيه جارودي و نصر الدين دينيه (الفونس إيتيان دينيه) ومحمد أسد (ليوبولد فايس) وعبدالواحد يحيى غينون (رينيه غينون):ومراد هوفمان وغيرهم الكثير.
ومن وجهة نظري أن أقوي وسيلة لتصحيح صورة الاسلام في الغرب هو التركيز علي الجوانب الإنسانية والقيم الجمالية الي جانب التركيز علي جاذبية الأخلاق في الإسلام، فالاسلام دين المشاعر والعواطف والأحاسيس.

ولم ينتشر الاسلام ولن ينتشر إلا من خلال طريقين اثنين، الطريق الأول تصحيح صورة الاسلام بابراز القيم الإنسانية والجمالية ، الطريق الثاني أن نكون دعاة إلى الاسلام بأخلاقنا وأفعالنا قبل أقوالنا فجاذبية الأخلاق أقوي من الجاذبية الأرضية.
ومعلوم أنّ التأثر بالأفعال والسلوك أبلغ وأكثر مِنْ التأثر بالكلام فقط، ولم ينسَ الحكماء أنْ يُضَمِّنوا هذا المعنى في أقوالهم، فقالوا: «عَمَل رَجُل في ألف رجل أبلغ من قول ألف رجل في رجل واحد”

ولا ريب في أَنَّنا قد ارتكبنا خطأ فادحاً حين ظننا أَنَّنا نستطيع جذب الآخرين إلى أخلاقنا بمجرد أَنْ نتحدث إليهم عَبْر مكبرات الصوت ونحن قابعون في أبراجنا العاجية، دون أَنْ نندمج في المجتمعات الغربية وأن يحترم المسلمون قوانينهم ، فالدعوة الإسلام لا تكون مِنْ خلال مديحه ولا مِنْ خلال الخطب الرنانة حول محاسنه، وإنَّما مِنْ خلال الارتقاء والاندماج والتعايش.
واذا كان للجمال جاذبية ساحرة فإن جاذبية الأخلاق أشد سحراً، ولك أن تتخيل قوة هذه الجاذبية وأنت تقرأ عن جنوب شرقي آسيا وجزر الملايو والفلبين ،وكيف أن الإسلام انتشر فيها بجاذبية الأخلاق ولم يدخلها جندي واحد ،فهرعت القلوب وهوت الأفئدة وانجذبت إلي الاسلام.

محاسنه هيولي كل حسن

ومغناطيس أفئدة الرجال

ولك أيضاً أن تتذكر أن الإسلام انتشر في أوروبا وأمريكا ليس بسبب الدعاة وانما بقوته القاهرة الساحرة وأخلاقه الباهرة، ولو أحسن المسلمون تصدير الإسلام إلي الغرب لوجدنا الإسلام دخل كل ببت وكل دار وكل شبر من أشبار الأرض.
إن جاذبية الأخلاق وفن التعامل هي الحكمة التي أمرنا الله بها وهي وضع الشئ في موضعه بالفعل لا بالقول.

وإذا الفعال تكلمت بلغاتها

قالت مقالا لم يقله خطيب

وإذا ما خطبت الأفعال علي منابر الغرب هرع الناس إلي الإسلام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى