معيار الكيل بمكيالين.. كيف نصحح الصورة المغلوطة؟

حنان بدران | فلسطين – الأردن

من الواضح تماما ما زال يسود في الغرب جو من الرغبة في إعادة اكتشاف العرب، فبعد النفط وانتشار صيت ثراء العرب، بدأ يظهر لنا الفرد الغربي يلحظ أن معلوماته عن العربي (إنسان همجي بدائي ما زال يركب الجمل ويسوق البعير ويعيش في خيمة)..ولا ننكر على الغرب ما زالوا مثل ورقة النشاف مستعد لامتصاص أي معلومات قادمة من الشرق العربي.

في مثل هذا المناخ ونحن نزرع الكيان الصهيوني في قلبنا النابض وفي بوصلة العرب فلسطين لا بد أن نفهم أمرا طبيعيا أن العالم الغربي ما زال مفتونا بأسطورة إسرائيل المتحضرة في قلب الصحراء العربية المتخلفة.
مازال الغرب يتعاطف بطريقة أو بأخرى مع الإسرائيليين الذين يمثلون العالم الصامد في وجه العرب الوحوش البرابرة المتخلفين غير الحضاريين الذين يريدون أن يقذفوا بهم إلى البحر .. ، والإعلام الإسرائيلي المتفوق يكرس لهذه الأسطورة. بينما الإعلام العربي في الغرب ما يزال اسوأ محام لأعدل قضية.

منذ زمن بعيد وأنا أسمع عن أفلام سينمائية هيكلها الخارجي كله يحكي عن قصص حب أبطالها من العرب وتدور في مناخ عربي، وكل الحكايا ترسم في جو تافه وقذر، وسطحي، ويغلب عليها زعيم القبيلة المتزوج عدد من النساء ولا ينسى المخرج أن يصوره كشاذ لا يهمه إلا أن يبحث عن ملذاته وزوجته ليست بحال أحسن منه كعنصر من الميلودراما المبتذلة وكل الأفلام تبلغ المهزلة ذروتها في قدرية العرب ورمي كل مصائرهم مسؤوليتها على الله ومضمون أي رسالة فنية بأقلامهم لا تخلو من أن العربي لا يعمل ولا يكسب شيئا لأنها إرادة الله!! وتطورت الصورة السينمائية حتى صار العربي الشرير تاجر السلاح أو الممنوعات.. وووو.. إلخ .
وفي اختصار كانت الليالي العربية صورة لمجتمع يقضي نصف وقته عاريا ليمارس الجنس والنصف الآخر مغيب بالتخلف والفقر يبتلعه والمرض يطارده.
نحن كعرب لا نستطيع أن ننكر أخطاءنا، لكننا لا نجد مبررا لإبرازها فالليل العربي ليس مأوى لجراثيم الشهوة الرعناء، بل هو ليل المفكرين وليل الكادحين وليل الطبيعة البشرية الإنسانية بكل ما فيها من سمو وبكل سقطاتها أيضا.

والرصد لا يكفي لكل الجرائم التي ارتكبت بحق العرب، وفي تشويه القرآن الكريم وفي حق رسولنا الكريم.
وعلى ذكر القرآن الكريم لا بد من ذكر أن جميع الذين يتحاملون على القرآن لا باستخدامه (فلكوريا فحسب بل بتحويره، وهنا يكمن عدم الوفاء للحقيقة وفي أي حكاية رمزية كانوا يبتدعونها كانوا يعتدون على روح القرآن وعلى مدلول ذكر الله وصفات الله كما هي في القرآن الكريم ).

ولم يقف الأمر هنا فقط بل لو ذهبت إلى مكتبات الغرب لوجدت الكتب ما لا يعد ولا يحصى التي تكتب عن العرب وتصورهم بصورة مغلوطة كما في أفلامهم وأكثر .. أقلها ما قرأته وأنت تدفع ثمن الكتاب لتقرأ لكمات الشتائم موجهه إلى وجهك مباشرة.

وإذا كانت الشتائم موجهه إليك فتلك واحدة من نظرتهم لنا ولكن تعدى الأمر إلى روح الدين الاسلامي وافتقار المسلم لاستعمال الإرادة وشعور الغربي بهز المسلم ليقول لنا: لا علاقة للرب بمرض الجرب لقلة الاغتسال وهو لم يسمع بالاغتسال والوضوء الإسلامي ويجزم كل ذلك جراء عيشهم في أماكن ملوثة بفضلاتهم وعدم غسل ثيابهم وكل هذا يهون أمام اجتراء الكاتب وافترائه فيخترع آيات قدرية مزيفة توكيدا لكلامه.
وهم لا يعرفون أن قصر فرساي وقصر شون في النمسا وكل من زارهم يعرف أنهم يخلو تماما من الحمامات والمراحيض، لا أريد أن أطيل الأمثلة المعيبة والمسيئة لحقيقتنا وحقيقة ديننا، ولكن لا تستغرب أن تجد أن من ضمن من يزيفون الحقيقة هم دكاترة أيضا وأكيد حين كُتبت مثل هذه الكتب لم يكن يخطر ببال أحدهم أن المسلمين المتخلفين يقرأون لغتهم الأم.

أنا لا أتكلم حتى نمنع هذه الكتب ولكن دعوة لتركها حتى نعرف عدونا كيف يفكر فينا ، ألا يكفي أما جاء الوقت لنقدم للعالم البديل الحقيقي لصورة العرب بالكتابة عن بلادنا ونشرف على الكتابة إشرافا واعيا؟
وعدم السماح للغربي المتغطرس بالتفوق بالتحكم بنا، أما جاء الوقت لغربلة أعمالهم وفضحها لتشويه حقيقتنا أقلها ليس دفاعا عن الدين ولكن انتفاضه للدفاع عن الحقيقة التاريخية .

يا وطني العربي الكبير لمتى سنترك تاريخنا للمستشرقين والبروفسورات يشوهنه ويختلقون ما شاؤوا من الحكايا؟
وهم تحت الأمانة العلمية والفكرية وحمايتها من المسلمين البرابرة المتخلفين؟!!
متى سيأتي الوقت لنتولى إصدار كتب عن أرضنا وتاريخنا ونتنازل لانفاق الأموال على السلاح لنذبح بعضنا بعضا على الهوية وآخر همنا السلاح الفكري؟
المخجل والمعيب أكثر هو أن نستغرب الآن تطاولهم برسوم مسيئة عن الرسول الكريم ونسينا – وهم يتجرأون على الذات الالهية وكتابه المقدس-

ومن الأسئلة التي تطرح نفسها أنا أدرك العنف في الجريمة المتبادلة التي كانت من قبل شاب صغير بالعمر كان يعتقد جدلا إنه يدافع عن دينه من مستفز وأدرك الاستفزاز الذي يطرحونه كل حين حتى نلتهي عن قضايانا المصيريه الكبرى لا شك نحن كأمة متسامحة نستنكر القتل ولكن هل استنكر الغرب وخصوصا الفرنسيين حين حولوا الرق إلى تجارة مثل تجارة الماشية في جنوب افريقيا ..وهل نسي السيد الفرنسي تاريخه اللإنساني لا أريد العودة لعصور غابرة في القدم من الوحشية الغربية والفرنسية بالذات التي تحتاج لمجلدات.
“هل العرب من يملكون متحف الجماجم لكل من قتلوهم وصلبوهم وقطعوا رؤوسهم من الثوار والأحرار أم الفرنسيين”؟؟؟!!!

نعم أنا مع أن نحرر عقولنا من هيمنة وسيطرة الغرب لنشر رسالة الخير والسلام ..وتبقى هذه العملية (الفتى الذي اعتدى على المدرس وقام بإنهاء حياته) قضية فردية وعوقب فاعلها كشخص بتصفيته وانهاء حياته .
إذا ما ذنب المليارات لتدفع ثمن خطأ متبادل بين “مسيء ومعتدي” على “مدافع ومعتدي” ؟!!
ولا ننسى بالمقابل الاستعمار الفرنسي والوحشي الذي كان أيضا في الجزائر وأهلها ذاكرتهم للقسوة لم ولن تكون مثقوبه لفظاعة الاحتلال كما في وتشاد ولن أعود لحروب فرنسا الدينية التي تم قتل نحو أربعة ملايين إنسان.. !!!
ولن أنسى كيف أجبر أهل الصين من قبل فرنسا وبريطانيا على توقيع اتفاقية (تيان جين) كي يتم الزامها باستيراد المخدرات بالقوة …
إذا من المخجل والمعيب أكثر هو أن نستغرب الآن تطاولهم برسوم مسيئة عن الرسول الكريم، ومع تكرار الحادث أكثر من مرة تجدني اسأل :
لماذا هذا الاستخفاف بنا ماهو السبب؟
لأجد في بساطة هو اعتماد الغربيين على إهمالنا لحقوقنا ..
ونحن أمة لها ردة فعل وليس فعل حقيقي ملموس على أرض الواقع وعدم مطالبتنا بحقوقنا المنتهكة.

فلو عوقب كل مسيء من كاتب إلى مخرج إلى رسام يتعرض لنا بغير وجه حق لاضطروا لتوخي الحذر والدقة فيما يعرضونه من شؤوننا كما يتوخون الحذر والدقة في شؤونهم الأخرى ، حتى التافهة منها !
إذا الموقف المطلوب:
– إرغام كل واحد ينوي أن يصور فيلم او يكتب كتاب بدخول أو يرسم صورة أن يدخل دورة تثقيفية تتعلق بشؤون العرب من أسسها الأولى إطلاعه على تاريخنا حياتنا المعاصرة التي نعيشها على مختلف نواحيها وكل الأصعدة وليس الجنسية فقط .
– كما علينا أن نعطيه نسخة مترجمة من القرآن بحيث يستعين بالنص الأصلي ولا يضطر لكتابة القرآن على هواه دون أي رادع وحتى لا يقوم بالتعرض لروح الدين سواء كدين أو كفولكلور.
– سّن قوانين رادعة تطال كل متذاكي فيهم يحاول أو يفكر بالإساءة دون وجه حق أو سوء نية ما دامت الحصيلة الكارثية في فنون نظرتهم الاحتقارية لنا واحدة .
والمقاطعة في عصرنا الحاضر هي سلاح رادع وحق بالرد وحرية بالتعبير على حد قوله لماكرون لجعلهم يرضخون بالاعتذار والتفكير الف مرة قبل أن يفكر العبقري فيهم بالإساءة .
– المطلوب أن ننشط ثقافيا واجتماعيا بعقد مؤتمرات مضادة تبحث في قضية تشويه صورة العرب في الغرب ، ويرصد لها الاعتمادات اللازمة للقيام بحرب إعلامية توازي قذارة إعلام عدونا المزروع في قلبنا وبات يكتسح الصورة في حرب النشطة والتي لا تهدأ في تشويه ديننا والتعرض لرسولنا ولقرأننا ولصورتنا … وأتمنى أن يتكاتف الأدباء العرب بذلك ..!!

لماذا يا سادتي الاستغراب من ماكرون أو غيره واللائحة تطول بالعد …؟!!!
ألسنا ذات الأمة التي لم تفرض احترامها على جهابذة الغرب ولا ترغم العالم على فهمها ؟
السنا أمة مغرية لانتهاك كل حُرمتها ..!!!
بعد أن مددنا الجسد العربي على الأرض أغرى الجميع بالدوس بالنعال عليه!!
المهم ألا يمر التطاول الغربي بعد اليوم مرور الكرام دون حساب ..
وأن نعلمّ الغرب ألا ينظر إلينا بعد اليوم نظرة عامودية فقط ، بل أفقيا أيضا .

حقا لنا أن نعلم لكل مستخف فينا أننا نستطيع خلع قفازات التهذيب ونترك ابتسامة التفهم جانبا وندمر في وجوههم كأس المجاملة السمجة ..حق للقلب أن ينفجر في كل الوجوه المستخفة بنا ، بعد أن كررت الإساءة يجب أن نظهر في وجوههم مخالبنا وأظافرنا وغضبنا الحزين ..
وأنا اقرأ الإساءة تلو الأخرى ..علينا أن نتذكر أيضا ليس كل الذين يشوهون صورتنا يفعلون ذلك بالاتفاق مع الصهيونية العالمية التي يحلو لنا أن نحملها كل اوزار كوارثنا ..ولكن يكتبون ويرسمون لأن المعلومات التي بين أيديهم أيضا هي وصلتهم هكذا ..!!
فنحن فعلا …”أمة اسوأ محامين لأعدل قضية وصورتنا في الغرب هي أبشع قناع لأنبل وجه ..”
ونحن كأمم مشغولة عن التحدي العالمي الكبير والزمن الذي بات في عصر حروب طاحنة فيما بيننا
ولا نتوانى عن افتراس بعضنا بعضا ..كأننا قبيلة تتشاجر حول جنس الملائكة ..فوق مركب صغير في بحر هائج ويغرق ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى