حِوَارٌ قَصِيرٌ مع طَائرِ المَاءِ في البُحيرَة

د. إيهاب بسيسو | فلسطين

 

مَن أنت؟

شَقِيقُ طُيورٍ مُنقَرِضَة

لم تَحتَمِل هُبوبَ الرِّيحِ فَوقَ المُنحَدرَات

فرَحَلَت ذَاتَ زَمنٍ بَعِيد …

ولِمَاذَا لم تَرحَل؟

كان المَاءُ مَلاذاً مِن قَسوَةِ الوَقت …

حَيثُ الأعمَاقُ ضُوءٌ خَفِيٌّ

وذَاكِرَة …

لَم تُفتِّشهَا العَوَاصِفُ

حِينَ كَانَت تَمرُّ فِي صَرِيرِ الصَّخَب …

أو حِينَ كانَت تَتَّكِئُ علَى الضِّفَافِ

فتَظُنُّ أنَّ الطُّيورَ الطَّافِيةَ كجُثَثٍ فَوقَ المَاء

جُذوعُ أشجارٍ مُهمَلةٍ …

اقتَلعَتها فِي هُبوبُ المَوت …

هَكَذَا نَجَوت …

هل تُفَكِّرُ فِي الرَّحِيل؟

كَلاَّ …

ولكِنَّنِي أُروِّضُ وَقتِي كُلَّ يَومٍ

بِجنَاحَين مِن مُخيِّلَة …

أُخرجُ مِن الزُرقَةِ الدَّاكِنَة

إِلى اليَابِسَةِ …

مُحلِّقاً فِي الفَضَاءِ دُونَ خَشيَةٍ مِن الحَرائِق …

وقَد أَعودُ ثَانِيَةً إِلى المَاءِ

لأَحيَا عَلَى تُخُومِ الذَّاكِرَة …

هل تَشعرُ بالخَوف؟

لا …

ولكِنَّه قَلقٌ عَابِرٌ مِن الذِّئَابِ

وأبنَاءِ آوَى الجَائِعَة …

حِينَ تُصبِحُ الضِّفَافُ

محَطَّاتٌ صَاخِبَةٌ للعُوَاءِ

وعَبَثِ الرِّيحِ …

غَيرَ أنَّ القَلقَ سُرعَانَ مَا يَزُول

حِينَ أبتَعِدُ

في صَمتِ البُحَيرَة …

مَاذَا تَفعَلُ فِي البُحَيرَة؟

أوَاصِلُ مَوتاً افتِرَاضِياً

كَأحفُورَةٍ فِي الصَّخر …

غَيرَ أنَّنِي أتذَكَّرُ كُلَّ شَيء …

صَوتُ الطُّيورِ المُهَاجِرَة …

انسِيَابُ المَاءِ قَبلَ رِيحٍ

عَفوِيَّةُ الرَّبِيعِ

في اخضِرَارٍ مُبكِّر …

الأزهَارُ فَوقَ المُنحَدَرَاتِ …

الوَقتُ

كَوُجُوهٍ مُشرِقَة …

وأتذَكَّرُ …

بَرقَاً

وحَرِيقاً …

وارتِجَاجَاً في الصَّدَى …

حِينَ كَانَت الطُّيورُ

تُحَاوِلُ النَّجَاةِ مِن الرَّمَاد …

ومَاذَا تَأكُل؟

ألتَهِمُ جَسَدِي …

كُلَّ يَومٍ قِطعَة …

وأغُوصُ فِي الأعمَاقِ

لاستِنشَاقِ ذَاكِرَةٍ مُذَابَةٍ فِي المَاء …

وأصعَدُ نَحوَ السَّطحِ …

كَجُثَّةٍ عَائِمَة …

ومَاذَا تَفعَلُ حِينَ تُمطِرُ السَّمَاءُ

أو تَشتَدُّ حَرَارَةَ الطَّقسِ؟ …

مَا تَفعَلهُ الجُثَّةُ بِالوَقت …

أَقصدُ بَقَايَا الجُثَّة …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى