شبح حرب طائفية واسعة النطاق يرفرف بجناحيه على المنطقة 

إدريس حنبالي | المغرب  

ليس اعتباطا أن يطلق أردوكان حملته العسكرية شمال سوريا تحت يافطة “درع الربيع”؛ فالرجل يعتبر نفسه كما يعتبره الكثير من مريديه وعشاقه في العالم العربي عرّابا للربيع العربي الذي بدأت أحداثه الدراماتيكية سنة 2011. إلا أن الأمر يُحتمل أن يكون مجرد تقليد؛ لأن دولة عظمى بعينها عرفت بهذه الصناعة  التي تعتمدها في إطار الحرب الدعائية والنفسية على الدول الرافضة للهيمنة وللمشاريع الإمبريالية؛ وبعدها  تأتي دولة الاحتلال الصهيوني التي أصبحت مهووسة بهذه الصناعة أكثر من دولة  العم سام نفسها.

فور إعلان أردوغان انطلاق العملية العسكرية تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي تدوينات صدرت عن جهات محسوبة على القوات التركية؛ لها حمولة دينية وجهادية وكأن الأمر لا يتعلق بدولة جارة لها نفس الهوية و ذات الانتماء وذريعتهم أن الجيش السوري مسنود من قوات الحرس الثوري و حزب الله الشيعيين؛ وهو الشيء الذي تنبه له المركز الاستشاري الإيراني حين أصدر على الفور بيانا مفصلا حول الهجمات التي تعرض لها الجيش السوري والقوى المتحالفة معه؛ وأدى إلى وقوع خسائر كبيرة في الأرواح. كما حرص البيان على تذكير الرأي العام التركي بالروابط التي تجمع دول الجوار والخطر الكبير الذي يتهدد الجميع جراء انخراط قيادته في المشاريع الجهنمية التي لن تسلم منها تركيا في نهاية المطاف. هذا البيان كان يحمل أيضا تهديدا مبطّنا؛ لأنه أكد أن القطعات العسكرية التركية تحت مرمى نيران الجيش السوري وحلفائه منذ شهر إلا أن قيادة الجيش السوري  وحلفائه أصدرت أوامرها بعدم إطلاق النار على عناصر الجيش التركي والتركيز فقط على مواجهة الجماعات الإرهابية في الشمال السوري للدواعي نفسها التي حملها البيان.

هذه الجماعات المسلحة كانت تخوض حرب وكالة عن الناتو وتركيا للإشارة هي من الدول المؤسسة لهذا التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة حسب الحاجة؛ وهناك من يقول بأن حزب الله أيضا يقود حرب وكالة وهو تابع للحرس الثوري الإيراني وكل طرف يسوق أسبابه كما يسوق للذرائع بطبيعة الحال.

بعد هزيمة هذه الجماعات واقترابها من الحدود التركية التي كانت قد تسللت عبرها تحت مراقبة القوات التركية وأجهزة استخبارات أردوكان ؛يبدو أن الرجل لا يستطيع أن يصدق أن اللعبة قد شارفت على النهاية.

الخطر الكبير الذي يحذق بتركيا وإيران وكل العالم الإسلامي هو أن تتحول هذه المواجهة المستعرة إلى حرب طائفية يتم التجييش لها تحت يافطة حرب شيعية سنية طاحنة قد تأتي على الأخضر واليابس وتكون فرصة لتمرير مشروع “صفقة القرن” التي يبشر بها نتانياهو عبر الرئيس ترامب وصهره  المدلل. اللافت هذه الأيام الصمت المطبق لنتانياهو أعضاء حكومته وتحاشيهم التعليق عن الأحداث بسبب الصراع الانتخابي المستعر بالمزايدات حول من يجتهد أكثر لإنجاح مشروع سرقة القرن من جهة ومن جهة أخرى أن إسرائيل تعتبر تركيا دولة حليفة في كل المجالات خاصة في مجال الدفاع الجوي والطائرات المسيرة. وهكذا حين ستستعر المواجهات لا قدر الله ربما تدخل إسرائيل الحرب  كظهير للدول الإسلامية السنية في مواجهة إيران وحلفائها من الشيعة.

        

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى