الشعر هو فن السلطة

عمارة إبراهيم | شاعر وكاتب مصري

لن يقف الشعر عند حدود نقده الذي خرج ويخرج عن سياقه العلمي في مناهجه المتعارف عليها والمستجد

فالشعر عوالم إنسانية وحياتية يتفرد فيها مبدعه بما يملك من موهبة جبارة وزخم معرفي وثقافي وتفاعل مع واقعه وبيئته ولغته التي يملكها من بحرها الواسع المتدفق والمتغير في مجري مياهه بحسب فوران طقوسه التي ينتجها ويحلق في روافده المتعددة محققا كتابته التي ترسم منتجها الجمالي المبتكر.

والشعر من مفهومه هذا لا بد وأن يملك فضاءاته وروافده وأدواته ولا سلطة عليه غير مستوي ما قدم ،ومن مستجد اللغة والأسلوب والصورة والتناصات واستخدام مشحون وفوران حركية الأفعال التي تأثر بها ومنها من واقع معايشته لثقافته وبيئته ولغته والقضايا الإنسانية العامة والخاصة التي انسجمت، حيث خلق الله لكل بيئة وثقافتها لغة خاصة ،تعبر بهم كل الأزمنة الحياتية لتعبر وتنتج فنونا وثقافات ومعارف وعلوم يتحقق منها المنافع العامة لحياة كل بيئة وأرضها وبحرها وجوها لتستفيد كل كائنات الأرض التي تعيش في بيئتها وطبيعة خلقها.

والشعر عبر أزمنته الطويلة وهو أقدم الفنون الإنسانية علي أرض المعمورة هو فن السلطة؛ فلا سلطة عليه تفرض دينا أو أخلاقا أو لغة أو إيقاعا أو علما أو نقدا …إلخ، فهو الذي ينتج كل هذا وذاك بعد الكتب السماوية، وكل شيء يأتي منه فهو الطرف الأول الأصيل الذي يقف عنده العلم مشرحا وناقدا له وليس لمبدعه

 حتي الإشارات الإلهية في مضماره هذا من كتابه الكريم، كانت وصفا له ولمن يكتبه وكانت أيضا ترسيخا لمبدأ العقاب لمن خرج ويخرج عن حدود مفهومه هذا الذي أوضحته هنا.

وقد سافرت عبر الذاكرة والتأريخ متأملا أحوال الشعر في منتجه العام لأجد مثلكم الكثير من الشعراء عبروا عن “منحني حياتي “وأخلاقي مسكوتا عنه ولن يجرؤ سياق من سياقات الفنون التعبيرية أن يدخل حاراته قبله

ليخص الجنس والدين تحديدا،وقد نصبت المحاكم الناقدة وربما الأخري الرسمية لتحاكم هؤلاء الذين امتلكوا جرأة دخول هذه الألغام التي تنتظر لمسة متحركة واحدة حتي تنفجر لنعيد مرة أخري سؤالا جوهريا هو:

هل الكتابة التي دخلت هذا المضمار تمثل الاحتياج والفقد لشرائح محددة في مجتمعاتنا، أم تمثل تأليه الخاص واحتياجه المادي وفرضه علي الآخر وخاصة في مسألتي الجنس والدين؟.

لكن السؤال الذي يجب أن يطرح من الشعراء أنفسهم قبل العلم وقبل النقد.

_ هل قدم الشعر الذي تجرأ ودخل هذه الألغام اللغة وأدواتها وجمالياتها التي توافقت مع بيئته وثقافته ومعايشته لواقعهما زمنيا ومكانيا؟!

السؤال الآخر :

_ هل أثر الشاعر في المشهد العام لبيئته في قاموسه الخاص وحلق بموهبة استثناء في ضرورات الحياة العامة والخاصة وقضاياها الإنسانية ليرسخ أثره الخاص في الدرس العلمي والأكاديمي وبين البشر من سكان البيئة التي عبر عنها، وأنتج فنا شعريا متفرد ومتسق مع جماليات بيئته؟!.

علينا أن نقف عند السؤالين ونفكر فيهما معا_ الشعراء، والنقاد، والدرس العلمي، والجمهور _  في إنتاج أخلاق  للشعر والعلم والنقد،وكل الذي يبني ولايهدم، ونترك لله الحساب والعقاب، علينا أن لا نضع أنفسنا قضاة منصات حكم من دون أرضية كاملة تؤهلنا لذلك.

علينا ان نكتب من وعن  بيئتنا ومن ثقافتنا ،نراقب منتج البيئات والثقافات العالمية الأخري حتي نحقق لابداعنا وعلومنا وثقافتنا فرادة عربية تضيف للبشرية مثل أجدادنا. 

علينا أن نضيف للجمال حارة أو حارات، وللعلم مسار ومسارات. 

لنبتعد عن تأليه النقد بالجهل،وان نرسخ لقيمنا التي تعايش معها المبدع وارتقي بأحوالها إلي ما يحقق السمو والرفعة والجمال للحياة

لكن علينا نترك الحساب لمن خلقنا وحده وخلق كل الأدوات المؤسس لها ومسالكها ودروبها كي نحركها ولا تحركنا 

ننتج منها كل ما يفيد البشر والحلول  لقضايا الإنسان الخاصة والعامة ونحقق منها فن الجمال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى