الحياكة التقليدية في مدينة بيت الفقيه اليمنية وخطر الاندثار
حميد عقبي | باريس
مدينة بيت الفقيه التهامية اليمنية كانت اشهر المدن والتي اشتهرت بمعامل الحياكة التقليدية ذات الجودة العالية وتغطي المنتاجات الكثير من الأسواق المحلية ومقصد السياح خاصة سوق الجمعة الشهير جدا، وتستمر محاولات البقاء من بعض المعامل القليلة جدا ربما اصبح عددها ثلاثة فقط وكانت المدينة تزخر بعشرات المعامل، يوجد ربما عشرة اشخاص فقط في قرية الحوك يتجرعون مرارة الاهمال فلا دعم حكومي ولم تهتم اي منظمة عربية او دولية بهم، هذا العدد البسيط جدا يظل يقاوم ويحلم باي رعاية او اهتمام ويعيشون حياة قاسية .
كل دول العالم تهتم بالصناعات التقليدية وتدعم استمرارها لأنها تمثل عنصرا مهما من عناصر الثقافة والتراث والكثير من الدول عملت على جعل اهم الصناعات الحرفية التقليدية ضمن محميات اليونسكو كتراث عالمي إنساني، لكن مهنة الحياكة التقليدية في العديد من مدن تهامة اليمن لم تكن في اجندة وزارة الثقافة ولا أي وزارة، الكل منذ سنوات طويلة ظل متفرجا وحتى تلك المهرجانات والمعارض السياحية اليمنية التي كانت تقام في مختلف عواصم الدنيا كانت تهمل عمدا فنون تهامة .
يحسب للشاعر اليمني محب التراث الراحل عبدالله خادم العمري جهده الكبير باقامة معارض وقرى سياحية تهامية خلال مهرجانات سياحية في صنعاء وكان ينقل معملا كاملا للحياكة مع العاملين ولكن احد لم يضع اي مشروعا للحفاظ على هذا الفن البديع والاصيل.
لا ادري ماذا يفعل سفير اليمن في اليونسكو ؟ ولماذا لم يقدم اي مشروعا للمنظمة بادراج هذه الحرفة ضمن التراث العالمي الانساني ؟
التجاهل سيد الموقف والاهمال يعصف بكل الأشياء الجميلة والتدمير بسبب الحرب دمر الكثير من المعالم التراثية والتاريخية واستمرار الحروب يزيد معاناة الناس ، سنوات الحرب رمت بالالم الى اقصاه على هولاء. فالمساكين البسطاء الذين يعملون في الحياكة التقليدية يعانون بسبب غلاء المواد الاولية وضعف قوة الشراء .
عندما كنت طفلا صغيرا اتذكر كنا نذهب لحفظ القرآن الكريم في معامل الحياكة ، فالمعلم يشتغل بيده ولسانه وقلبه معنا، معلمين الحياكة كانوا حفاظًا للقرآن والاشعار والحكايات الشعبية وكان كل معمل مدرسة ومنتدى ثقافي بديع.
ثلاثة معامل للحياكة التقليدية في مدينة بيت الفقيه الساحلية بمحافظة الحديدة تستغيث ، تبحث عن منقذ، يتجرع اصحابها الجوع والالم والفاقة وهم يحافظون على هذا الفن المدهش، لا نملك سوى توجيه هذا النداء العاجل الى محبي الفن الانساني لعل وعسى ان يصحو اي ضمير .