أدب

المحبة عند جبران في كتاب: النبي

بقلم:  أ. روان شقورة
في ربيع المحبة وتغريدها في هذا الشهر، فتحت أناملي كتاب النبي لجبران إبراهيم جبران، واستوقفتني في القراءة نظرته في إفصاحه عن جوهر المحبة، ومفهومها؛ لذلك قررت تسطيرها بين يديكم وتحليلها الوجيز  الموضوعي والفني ولغوي والنفسي. 
“المحبة لا تعطي إلا نفسها، ولا تأخذ إلا من نفسها، المحبة لا تملك شيئًا ولا تريد من يملكها أحد؛ لأن المحبة مكتفية بالمحبة”. 
• التحليل الموضوعي:-
غاص الكاتب في فهم جوهر المحبة، حيث أنّ المحبة هي الغاية، فهي رمز للعطاء من ذاتها، فلا تأخذ مقابل ما تقدمه، فتكتفي بعطائها من كيانها؛  لأنّها العطاء دون أخذ؛ فلذلك لا تملك شيئاً، ولن يملكها أحد.
 المحبة رمز معنوي لا يُملك؛ لأن المحبة مكتفية بالمحبة،  فعطاءها وأخذها من جنسها، فكما أنّ الإنسان لا ينجب إلا إنسان، فالمحبة لا تلد إلا المحبة عبر الزمن في كل الكائنات، ولولاها لما استمرت الحياة الإنسانية… 
• التحليل الفني:-
سأتطرق إلى الحديث عن ومضات الجانب النحوي والصرفي والأسلوبي لتحليل جانبها الفني:- 
الجانب النحوي: ساق الكاتب نصه بجمل إسمية مبتدأها اسم( المحبة)؛لثبوت ورسوخ معتقده، ثم ساق خبرها بجمل مضارعة( لا تعطي، لا تملك)؛ لتجديد وحيوية ما يُخبر عنه، فقد ثبت في إيمانه بالمحبة وجوهرها الكائن من ذاتها، وأثبت ذلك بتجديد وعدم جمود أخبارها عبر الأزمن المختلفة،  فالمحبة تبقى ثابتة وإن تغير الزمان بحيويتها عبر كل مراحل الوجود…
الجانب الصرفي: تناسق وتناغم الجانب النحوي مع الصرفي بل الموضوعي، حينما انتقى المصدر الميمي ( المحبة) على وزن مفعلة؛  لدلالة على ثبوت الحدث دون التقيد بالزمن،  فالمحبة تتوالد من ذاتها مهما اختلفت الأزمنة… 
الجانب الأسلوبي: لجأ الكاتب في سياقه العمودي إلى أسلوب الحصر بواسطة النفي والاستثناء؛ للإثبات، فأكد في نقطة النهاية في غاية المحبة كبؤرة دائرية ربطت حبكة المعنى في سياق الجمل كافة. 
كما جاء السياق البنيوي كالتالي:
( المحبة، لا تعطي، لا تأخذ، لا تملك، لن يملكها، مكتفية بذاتها)
(  مصدر، فعل، فعل، فعل، فعل، اسم فاعل) 
(ثابت، متجددة، متجددة، متجددة، متجددة، القائم بالفعل) 
(ثابت، متجدد، قائم) 
فالمحبة ثابتة، ولأنها ثابتة فهي متجددة الفعل، وطالما الفعل متجدد فهناك فاعل قائم. 
• التحليل اللغوي:-
سأتطرق بالإشارة إلى الجانب الصوتي والدلالي:-
التحليل الصوتي:-
همس الكاتب في أذن القارىء بل قلبه عن جوهر ومفهوم المحبة بواسطة حروف الهمس في جمله ( ميم،  حاء،  باء،  عين، خاء، الياء) لرقة وحنان ما يبيح عنه، وجاء الجهر والشدة في أدوات النفي والاستثناء؛ وذلك للإثبات العلني الصّادح القوي الذي يُخاطب المنطق. 
التحليل الدلالي:-
استخدم-ال التعريف- في كلمة (المحبة) للعموم والشمول، حيث شمل كل أنواع الحب وروابط المحبة سواء بين الإنسان أو الأشياء، أو الحي وخالقه. 
كرر كلمة المحبة ثلاث مرات في سياق، تكرار مُغاير للمعنى مؤكد الجوهر والنهاية المُرادة للكاتب. 
• التحليل النفسي:-
عند التأمل فيما سطره الكاتب يتبين توحد النص وجوهره مع الكاتب، ويتضح ذلك عند اللجوء لتعبير البلاغي حيث جرد من الإنسان شعوره بالحب إلى كائن إنساني حي يُسمى المحبة، ثُم أضفى عليها الصفات البشرية، فكانت هذه المحبة هي روح جبران الحانية الحالمة المرهفة… 
ومن الجدير التنويه إليه أن قراءة النص الشعري أو النثري بأي أدوات  أو مناهج نقدية، ما هي سوى قراءة من وجهة نظر الناقد؛  ليعيد إنتاج النص وجمالياته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى