أدب

تشطير على معلقة زهير بن أبي سلمى

شعر: هلال السيابي

“أمن أم أوفى دمنة لم تكلم”
سوى بإشارات الفؤاد المتيم

***

تقادم إلا بالجوانحِ عهدُها
“بحومانة الدراج فالمتثلم”

***

“ودار لها بالرقمتين كأنها”
من النوب الصماء آثار مَعلَم

***

بدت من تصاريف الزمان كأنها
“مراجيع وشم في نواشر معصم”

***

“بها العين والآرام يمشين خلفة”
مخافةَ واش أو حبيب مهوٌّم

***

فغزلانها يطلعن من كل محجر
“وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم”

***

“وقفت بها من بعد عشرين حجة”
وبالقلب منها مثل كية ميسم

***

أسائلها عما أصاب عراصها
“فلأيا عرفت الدار بعد توهم”

***

“أثافيٌَ سفعاً في معرس مرجل”
ورسما كأن قد كان من عهد جرهم

***

منازل ألاٌف، تقضت عهودها
“ونؤيا كجذم الحوض لم يتثلم”

***

“فلما عرفت الدار قلت لربعها “
سلمت ديار العز من كل مرزم

***

وكررت تسليمي، أقول لربعها
“ألا عم صباحا أيها الربع واسلم”

***

“تبصر خليلي هل ترى من ظعائن”
تراءت لعينيك الغداة بأسلم

***

غدون خفافا مسرعات ، وانما
“تحملن بالعلياء من فوق جرثم”

***

“جعلن القنان عن يمين وحَزنه”
تمور بهن العيسُ زهوا وترتمي

***

وكم بديار الحي من ذي خلوفة
“وكم بالقنان من محل ومحرم”

“علون بأنماط عتاق وكلة”
منمقة الستر الرقيق المنٌظم

***

تلوح بلون التبر في نحر غادة
“وراد حواشيها مشاكهة الدم”

***

“وورٌَكن في السوبان يعلون متنه”
وأحجالها مثل الحمام المرنم

***

بدون شموساً، وازدهَين أهلةً
“عليهن دلٌُ الناعم المتنعم”

***

“بكرن بكورا، واستحرن بسحرة”
وأصبحن من عالي المقام بمقدم

***

وسِرنَ كمايبغي الهوى بركابه
“فهن ووادي الرس كاليد للفم”

***

“وفيهن ملهى للصديق ، ومنظر”
يريك الهوى بين الأسى والتبسم

***

وفيهن إن ترحل إليهن مربع
“أنيق لعين الناظر المتوسم”

***

“كأن فتات العهن في كل منزل”
نثار عقيق، أو مجاسد عندم

***

كأن به منهن في كل منزل
“نزلن به حب الفنا لم يحطم”

***

“فلما وردن الماء زرقا جمامه”
وبتن من الحي الخلوف بمعصم

***

“ظهرن من السوبان، ثم جزعنه”
إلى منزل المجد الكريم المتمم

***

وأقبلن يدفعن الركاب لمربع
“على كل قيني قشيب ومفأم”

***

تساءلن عما حل بالدار بعدما
“وضعن عصيٌ الحاضر المتخيم”

***

“سعى ساعيا غيظ بن مرة بعدما “
تساقى كؤوس الموت غير مذمم

***

وبعد الذي وافى بهن، وبعدما
“تبزل ما بين العشيرة بالدم”

***

“فأقسمت بالبيت الذي طاف حوله”
ملائكة الرحمن من دون مأثم

***

وطاف به من بعد آدم خشعا
“رجال بنوه من قريش وجرهم”

***

“يمينا لنعم السيدان وجدتما”
غداة التلاقي والأوار المضرم

***

سعيتم ووفيٌتم حقوق الألى سعوا
“على كل حال من سحيل ومبرم”

***

“تداركتما عبسا وذبيان بعدما”
أداروا رحاها كالسباع بمأكم

***

وباتوا سكارى دون سكر، وانما
“تفانوا، ودقوا بينهم عطر منشم”

***

“وقد قلتما إن ندرك السلم واسعا”
فذلك أبقى من مساورة الدم

***

وإن نحن آثرنا السلام شمائلا
“بمال ومعروف من الأمر نسلم”

***

“فأصبحتما منها على خير موطن”
اذا عدت الأوطان أو خير معلم

***

قريبين من أفق المعالي وسرها
“بعيدين فيها عن عقوق ومأثم”

***

عظيمين في عليا معد وغيرها
كريمين من عز و جاه متمم

***

ومن يعشق العلياء يستصغر الردى
“ومن يستبح كنزا من المجد يعظم”

***

“فأصبح يجري فيهما من تلادكم”
وطارفكم ما ناف عن كل مغنم

***

وأصبح فيها من نداكم ومالكم
“مغانم شتى من إفال المزنم”

***

“فمن مبلغ الأحلاف عني رسالة”
مطهرة ليست بظن مرجم

***

ومن مبلغ عبسا بكل ديارها
“وذبيان هل اقستما كل مقسم”

***

“فلا تكتمن الله ما في نفوسكم “
فليس عليه من خفيٌٍ مكتٌم

***

أتخشون أن يبدو عوار شؤونكم
“ليخفى، ومهما يكتم الله يعلم”

***

“يؤخر فيوضع في كتاب فيدخر”
ليوم التلاقي والحساب المقوم

***

يؤخر لأمر، أو يؤجل لحكمة
“ليوم الحساب أو يعجل فينقم”

***

“وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم”
غداة تساقيتم بها أكؤس الدم

***

وما هي إلا الخطب جلجل بالردى
“وما هو منها بالحديث المرجم”

***

“متى تبعثوها تبعثوها ذميمة”
قبيحة وجه كالفتات المفحم

***

ستهدأ إن أنتم تنورتم السوى
“وتضرَ اذا ضرٌَيتموها فتضرم”

***

“فتعرككم عرك الرحى بثفالها”
وتغدون منها كالفتات المحطم

***

تدور رحاها بينكم، ثم تنتظم
“وتلقح كشافا ثم تحمل فتئتم”

“فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم”
كسرب السعالي في المثال المذمم

***

وتأتيكم منهم بكل مشهر
“كأحمر عاد، ثم تُرضِع فتفطم”

***

“فتغلل لكم مالا تغلٌ لأهلها”
وتنثركم نثر الحطيم المحطم

***

وتأتي لكم ما ليس يأتي بمثلها
“قرى بالعراق من قفيز ودرهم”

***

“لعمري لنعم الحي جرٌ عليهم “
من الدهر صرف الكلكل المتثلم

***

و زاد بما قد جره وغلا به
“بما لا يواتيهم حصين بن ضمضم”

***

“وكان طوى كشحا على مستكنة”
من الغل قد تربو على أي أرقم

***

طواها عن الاقوام، لا يبصرونها
“فلا هو ابداها ولم يتجمجم”

***

“وقال سأقضي حاجتي، ثم أتقي “
سيوف الأعادي بالحسام المسمم

***

وأبغتهم إن جاء بالجيش زاحفا
“عدوي بألف من ورائيَ ملجم”

***

“فشدٌ، ولم تفزع بيوت كثيرة”
من القوم أعدائي ولم تتقدم

***

ولكنهم راحوا سراعا تدافعا
“إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم”

***

“لدى أسد شاكي السلاح مقذف”
خبير حروب كالوشيج المقوم

***

تراه اذا ما جئته ليث غابة
“له لبد، أظفاره لم تقلم”

***

“جريء متى يظلم يعاقب بظلمه”
ويقتحم الهيجاء أي تقحم

***

يكاد يرن الثأر في أم هامه
“سريعا، وإلا يبد بالظلم يظلم”

***

“رعوا ما رعوا من ظمئهم، ثم أوردوا”
موارد لم تحلل ولم تتحرم

***

فماذا عليهم أن تخوض خيولهم
“غمارا تسيل بالنفوس وبالدم”

***

“فقضوا منايا بينهم ثم اصدروا”
بحيث صدور الشوس غير محرم

***

وعاجوا الركاب المطمئنة تحتهم
“إلى كلإ مستوبل متوخم”

***

“لعمرك ما جرت عليهم رماحهم”
جريرة إثم، أو مساخط مأثم

***

“سئمت تكاليف الحياة، ومن يعش”
معاشي غدا من دهره بمذمم

***

ولا سيما إن طال في العيش عمره
ثمانين حولا لا أبا لك يسأم

***

“رأيت المنايا خبط عشواء من تصب”
توارى، ومن أبقت فللموت ينتمي

***

تخالفت الحالات منها، فمن ترع
“تمته، ومن تخطئ يعمر فيهرم”

***

“وأعلم علم اليوم والامس قبله”
وما كان من أيام عاد وجرهم

***

فقد حفظته الحادثات لمن أتى
“ولكنني عن علم مافي غد عمي”

***

“ومن لم يصانع في أمور كثيرة”
أصيبَ من الدهر الخؤون بميسم

***

ومن لم يراع الناس أو يعرف الهدى
“يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم”

***

“ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله “
سيندم حين الجد أو لات مندم

***

ومن يكن استغنى بمال وثروة
“على قومه يستغن عنه ويذمم”

***

“ومن يجعل المعروف من دون عرضه”
وقاه، ومن أدنى الكرامَ سيكرم

***

كذلك حال الناس من يبذل الندى
“يفره، ومن لا يتق الشتم يشتم”

***

“ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه”
رأى من صروف الدهر ما لم يُعلٌَم

***

ومن لم يقف بالسيف دون مقامه
“يهدم، ومن لا يظلم الناس يظلم”

***

“ومن هاب أسباب المنايا ينلنه”
ولو كان في مجر من الجند معلم

***

فما أحد يوما بناج من الردى
“وإن يرق أسباب السماء بسلم”

***

“ومن يجعل المعروف في غير أهله”
فكالسيل في البحر الخضم العرمرم

***

ومن يضع الإكرام في غير وضعه
“يكن حمده ذما عليه، ويندم

***

“ومن يعص أطراف الزٌِجاج فإنه”
يرى من عظيمات الأسى كل أعظم

***

وربٌَتَ عاص للقصير هنيهة
“يطيع العوالي ركبت كل لهذم”

***

“ومن يوفِ لا يذمم، ومن يهد قلبه”
إلى الخير نال الخير دون توهم

***

ومن صرفته التجربات كريمة
“إلى مطمئن البر لا يتجمجم”

***

“ومن يغترب يحسب عدوا صديقه”
وظنٌ ذميمَ القوم غيرَ مذمم

***

ومن لم يوفٌِ الحق لم يوفَ حقه
“ومن لا يكرم نفسه لا يكرم”

***

“ومهما تكن عند امرئ من خليقة”
وآن كتمت بانت على المتكتم

***

ومن يأت من أمر له أو جريرة
“وإن خالها تخفى على الناس تعلم”

***

“وكائن ترى من صامت لك معجب”
وما الصمت إلا زينة المتعلم

***

ورب فتى لا يسكت الدٌهرَ لحظةً
“زيادته أو نقصه في التكلم”

***

“لسان الفتى نصف، ونصف فؤاده”
فلا تغترر بالصامت المتكلم

***

رويدك ليس المرء إلا ابن عقله
“فلم يبق الا صورة اللحم والدم”

***

“وإن سفاه الشيخ لا حلم بعده”
ولو قد بدا في بردة المتحلّم

***

سفاهته رد عليه وبردة
“وإن الفتى بعد السفاهة يحلم”

20 ربيع 1/ 1445 هـ 5 أكتوبر 2023 مـ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى