أدب

قراءة في نص: إليك للأستاذة مليكة طالب

بقلم: طارق يسن الطاهر

أولا – النص

قصيدة إليك
قد أشرب البحر دفئا
من عينيك
قد ألثم الورد حمرته
من وجنتيك
قد أجالس الهلاك صدقة
من يديك
قد أجوب الأمصار لأرتطم
بزجاج بيتك
قد تحرقني الشمس بوجهها
فتزور بدفئها عنك
فيا ويلي الأيام عذبتني
تقتلني
تدمرني
سوطها منك
إليك
إليك
أهفو دوما
صراع يتجدد
روح تتوقد
حنان وإيمان
حبيبتي
إليك

ثانيا – التعليق

عنونت الأستاذة مليكة نصها: قصيدة إليك، وربما يكون “إليك” جارا ومجرورا فقط لا دلالة له، وربما يكون اسم فعل أمر بمعنى خذ أو بمعنى ابتعد، ومن هنا، وابتداء من عتبة العنوان تنفتح التأويلات. وتكثر الكلمات الدالة على الطبيعة: البحر، الورد، الشمس.. ونجحت في توظيفها بشكل مميز كما وفقت في الانسجام معها.

ومن أجمل الصور في هذا النص هي: قد أشرب البحر دفئا، فلو أعربنا “دفئا” مفعولا لأجله، فسيكون هدف شربها من البحر ليس الارتواء، وهذه مفارقة تصويرية رائعة، وإنما بهدف الدفء، ومن المعلوم أن الناس يلتمسون الدفء لدى الشمس، وليس من البحر، وهنا تراسل حواس مميز، فالدفء كامن في عيني الحبيب. ويبز التشبيه بين الورد وحمرة الوجنات، وإن كان تشبيها مكرورا في الشعر العربي إلا أن الأستاذة مليكة وظفته بشكل مختلف حين قالت:
قد ألثم الورد حمرته
من وجنتيك

فهنا ليس شبها فقط، وإنما تقبيلا ولثما للورد الكامن في وجنتي الحبيب، ويتجسد ذلك في بدل الاشتمال:” الورد حمرته”، كما يكثر في النص استخدام “قد” وهو حرف تحقيق مع الماضي وحرف شك مع المضارع، وربما تنزاح المعاني وتتبادل الاستخدامات: قد أجالس، قد ألثم ، قد أجوب، قد تحرقني … وتترد المفارقة التصويرية والمفاجأة المعنوية في مجالسة الهلاك وهذا أمر غير نمطي وغير متوقع.. النص حركي جدا ودؤوب في جميع أرجائه، ويبدو ذلك جليا من استخدام الأفعال خاصة المضارعة بكثرة، ومعاني الأفعال نفسها يثبت ذلك ، ومنها الفعل: أجوب ، الدال على الحركة والسير…
قد أجوب الأمصار لأرتطم
بزجاج بيتك

فالصراع يحتدم ويتجدد، والروح تتوقد، والنص يتأرجح بين مشاعر في طرفين متباعدين، لكنهما يلتقيان أخيرا

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى