دار المثقف تصدر رواية ” شظايا بخور ” للكاتبة ابتسام كتفي
خاص | عالم الثقافة
صدرت عن دار المثقف الرواية الأولى للكاتبة ابتسام كتفي، وهي رواية من الحجم المتوسط، وللكاتبة مخطوطات أخرى، تسعى لأن تضعها بين يدي القاريء مستقبلا، ابتسام كتفي من بلدية التلة ولاية سطيف، تملك موهبة جادة وحماسا كبيرا نورد مقطعا من روايتها”لم يكن العجوز عمر سوى عطّارا من الطراز القديم، يدق أعواد الدكّة حتى تصبح مسحوقا ناعما، و يذيب العنبر النديّ بحذر شديد على نار هادئة، ثم في إناء زجاجي يمزج المكونات بعناية مع دهن الورد و كمية من العطر الزكي ، يبيع نتاجه بعد النضج مقابل فرنكات قليلة، تنبعث من منزل العجوز عمر رائحة الأصالة العربية ممزوجة بروح الثقافة الإسلامية العريقة نظرا لكونه يصنع بخورا أصيلا متوارثا منذ أجيال .
الكثير من الشائعات تحوم حوله؛ هناك من يقول أنه عميل الاستعمار و أنه خائنٌ للقضية !، و هناك من يقول أنه جاسوس للثوار. دكانه الصغير يُفتح بعد الفجر تماما، تتمرّد أصوات المذياع لتكسر سكون الشارع و ينبعث ضوء خفيف من شقوق الباب المتهالك ثم يصمت المذياع أمام تكبير العجوز لصلاة الفجر.
إذا تفحَّصت في وجه العمِّ عمر ستجد أنّ الحياة حفرت فيه أخاديد و تركت عليه آثار الكفاح و الحروب و أنّ الشّيب تغذّى على غرابيب خصلاته فامتزجّت ألوانها و أعلنت الحياد، عجوز غفل عنه الزّمن فتكدّست عليه السّنين بلا عدد، تعلوا رأسه عمامة صفراء فاقع لونها و في أحايين كثيرة تكون بيضاء ناصعة، حاجباه الرماديان كثيفان فلا يمكن أن ترى عينيه بوضوح.
يلازم دكّانه العتيق منتظرا حظه من السعادة، و إن كانت السعادة ظلا زائلا و حلّة بالية يناطحها البؤس أينما حلّت فتارة يكون لها الحظ لتعشش في النفوس فتبهجها و تارة يستوطن البؤس مكامن الروح فيذيبها .
إذا صمت مذياع عمي عمر فإنّ همهمته تعلو في اضطراب يرتل بعض الآيات أو يدندن نغم “الطيارة الصفراء” هذه الأغنية التي تَشَربتها دماء الثوار و أمّهاتهم ، عندما يفور الحنين و تفيض الأشواق و ترتج المواجع في الصدور تنبعث الآهات على شكل نغم شجيٍّ تستوطنه الأشجان و اللّوعات ، منها ولدت “الطيارة الصفراء” وجميع أغاني الثورات “.