الأولويّة للقلم والثقافة

محمد زهدي شاهين | فلسطين

في هذا المقام قمت بتقديم القلم على ما سواه، وهذا واضح بشكل جلي من خلال العنوان الذي عنونت به مقالتي. فمن المقولات الكثيرة التي قيلت في هذا الشأن:
إن استطاع ألف برميل من الحبر أن يمنع نزيف قطرة دم واحدة ففي ذلك ربح وفير.
هذه الكلمات القليلة معبرة جدا إذ تختزل الكثير من الكلام كونها كلمات مجبولة بالحكمة والعقلانية لسان حالها يقول من الأولى تقديم الحلول السلمية على ما سواها من حلول ما امكن ذلك.
القلم وما أدراك ما لقلم، والقلم وما يسطرون، فالقلم المأجور بيد الجاهل كالخنجر أو كالسكين بيد طفل غر قد يقوم بإيذاء نفسه وسواه بها، أو كمن يحمل شعلة نار أثناء جلوسة على برميل من البارود.
نعم إن الأمر كذلك فمن إرتضى بأن يُرهن قلمه لغيره فقد رهن عقله وجسده وكرامته.
يقول الإمام علي عليه السلام بأن الخط هو لسان اليد، وأنا هنا أقف صامتا أمام هذا الحكمة، ولا أعلم إن كنت سأصيب في قولي أو استنتاجي هذا في حال قمت بوصف الخط بأنه لسان للقلم وبأن القلمَ هو لسانٌ لليد.

للملك تاج من ذهب وتاج الكاتب قلمه، فليكن إذن هذا التاج مصانا وحرا لا مأجورا لهذا وذاك.
وعودا على بدء فإذا تم التكاتف بين القلم والسيف أو البندقية فلا بد من تحقيق الهدف، وهذا يكون في حال إندلاع ثورة ما، لتحقيق هدف معين.
إن اي ثورة تريد الوصول لتحقيق غايتها وتحقيق هدفها لا بد بأن تكون منطلقة من أرضية ثقافية وفكرية صلبة، يتمتع بها غالبية الشعب، تعد وتمهد لها ولمآلاتها،

وفي حال لم يكن هذا فمصيرها المحتوم هو الفشل الذريع من خلال سرقة ثورة الشعب أو من خلال حرفها عن مسارها، والأمثلة على ذلك كثيرة ومتعددة.
أضرب هنا مثالا قد لا يروق للكثيرين وقد يُعَكَرُ صفو مزاجهم بسببه كونهم قاموا باتخاذ حاجز نفسي بينهم يصعب كسره لعدة أسباب خاصة بهم أتركها لكم لإستنتاجها. هنا اضرب المثال كظاهرة قد نجحت واقعا، والمثال هو الثورة الإسلامية في إيران التي اندلعت عام ١٩٧٩ والتي سبقها حراك ثقافي تعبوي كبير قام به الكثيرون من المثقفين، من بينهم على سبيل المثال لا الحصر الإمام الخميني، والمفكر علي شريعتي.

اتفقنا معها ام اختلفنا فهذه الثورة ومنذ بداياتها حوصرت وحوربت من قبل قوى عالمية عظمى، وهي الآن رغم الحصار المفروض عليها منذ أربعين عاما محافظة على قوتها وعنفوانها وعزتها ومنعتها، وهي الآن من الدول المتقدمة في مجال الصناعات والتكنولوجيا إلى غير ذلك، فيا تُرى كيف كانت ستكون ظروفها حاليا لو تركت دون حصار خلال هذه العقود العجاف. أليس هذا نتاج الأساس المتين الذي بناه القلم والعلم والثورة الفكرية الثقافية التوعوية؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى