يوميات امرأه ..قصة قصيرة 

لما حسن | سوريا 

مريم امرأة متزوجة في الثلاثينات من عمرها ،لديها أربعة أطفال في المرحلة الابتدائية ،صاحبة الاطلالة الجذابة والعيون الخضراء والوجه الطفولي، ابتسامتها  ساحرة  تلفت انتباه الناظرين، لكن هذه الصفات كانت نقمة وليست نعمة على حد قولها في الوسط الذي كانت تعمل به  وحتى ضمن نطاق أسرتها وعائلتها، أجبرتها ظروف الحياة القاسية على تأمين متطلبات الدراسة لأطفالها بالعمل لدي معمل لصناعة الشيبس  والمشروبات الغازية.كان واقع العمل مرهقا  وقاسي  وخصوصا أنها كانت تعلم أنها لاتنتمي إلى هذا المكان ولا يتناسب وطموحاتها او ثقافتها لكنها أقنعت نفسها أن هذه تدابير الله وعليها الصبر على أحكامه. كانت تستفيق  قبل خيوط الفجر الأولى لتحضير ثياب المدرسة وتعد الفطور  لأطفالها وتقوم ببعض الترتيبات المنزلية السريعة لتغادر قبل استيقاظ أبناءها، تصعد الي الميكروباص وتنظر خلفها بعد انطلاقه بحسرة ولوعة وتتردد في قرارة نفسها ربي اودعتك أطفالي انت حسبي ونعم الوكيل. اكفني شر ماخلفته خلفي وشر ماالقاه أمامي هي عبارة اعتادت ترديدها على مر إحدى عشر عاما.

بعد  وصولها الى مكان عملها  تبدأ رحلة شاقة من الكلمات القاسية والانتقادات اللاذعة من صديقاتها في العمل كنا مجموعة من النسوة البعض منهن من عمر والدتها، لدى كل واحدة منهن قصة أو جرح  أو معاناة  في منازلهن ، يجدن فرصة المعمل فرصة  للتهريج والفضفضة ، كانوا  يجدنا في شخصية مريم الخارجية المبتسمة دائما والصلبة ولباسها الانيق المتناسق وحديثها الواعي وكلماتها المثقفة امرأة مرتاحة اجتماعيا لا تعاني اي ضغوط . لذلك اعتبرهن شخص طفيلي او دخيل على عالمهن  كنا يد واحدة يشكن هموهن ومشاكلهن الحياتية وظروفهن لبعضهم، وكانت جمانة صاحبة العيون السوداء والوجه الأسمر الدائري الأقوى والأدهى بينهن وهي بمثابة القائد لهن  تدير دفة الأحداث وينفذن اوامرها  بحذافيرها  إلا مريم التى تمردت على هذه الأوامر ورفضتها بقوة. تذهب جمانه الى مريم ذات صباح وتحذرها اذا تمادت في الخروج على اوامراها فإنها ستطلب من رب العمل الذي تربطه بها علاقة قوية تتجاوز العمل أن يضعها في مكان شاق ، فكري يا مريم  بالأمر وانا بانتظار ردك  قبل أن اتصرف ، قالت؛ جمانه لمريم  بلهجة حادة….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى