قصة قصيرة: هوى الروح 2.. (أنت في القلب)

هدى حجاجي أحمد | مصر

النساء في قريتي أغلبهن أرامل ..فمن أعزي فيك يا وطني ..صار المؤلف يذوق معني المأساة الحقيقية هنا ربما فاز بنص جديد أو ببطلة لروايته الجديدة وصار القطار هو المفازة والخراب .. كان حاضرا هناك معها .. إن صور الترمل كثيرة متنوعة ..قالت في نفسها : إن أمرك قد انتهي سيدي ولكن بقيت هذه المرة الدموع متحجرة في عينيها وربما رحلت بعيدا حيث لا يراها هو ومجموع الناس ..

يبقى التأثر.. كان يسيل على خديها وعلى صدرها وكانت خطوطا صورة كتفي زوجها مرتسمة على جريدته .. كتفاه يبدوان لها كأنهما جدار قصير ثغين ودعي مضحك . كالنصبة اللزجة الملمس المنصوبة في الطريق الرملية التافهة الطعم .

إن السنوات المتخلفة في أول عشيات الخريف لا تنظر إلى الصيف الراحل ولو نظرة واحدة ومع ذلك فإن الرجل وهو ( المؤلف ) قبل أن يتعود المنامة وبدلة البيت ( البيجامة ) والتليفون الفصيح والابتسامة الدسمة بعض الدسم ..لقد أحبته في السابق وهامت به وأما اليوم فقد أصبحت رقيقة غائبة تعاشر خيالا من خيالات الكتب .

كان ( المؤلف ) يطالع صحيفة ((لوموند )) كل مساء وكان قد انبهر وخانته قواه من شدة ما تعلق بها ..وعلى ذكر الانبهار كان مصابا بداء الخناق كلما تحدث افتعل معها المشكلات إلى أن صارت  جزءا لا يتجزأ منه ..  مازالت تذكر حديثه ذاك المساء  تركتني ..

وإنك تغتاضين وترحلين لتتركيني في العاصفة لوحدي.. وأظل دوما أبحث عنك بينما أنت لا ..

هذا الفرق بيننا  والله  أنا أقرب إليك

قليلا من حبل الوريد  .. لم تشك في مشاعره تجاهها ولو للحظة واحدة كان كل منهم مؤمن بذاك القدر ..ولكن مصيبتنا في أننا نضحي على مضض، فنتجرع مذاق التضحية اللاذع طوال العمر”. ولقد أعوزته خصلة لازمة هي عين ما يلزم لك يصبح الانسان شيئا يذكر ألا وهي أن يعرف كيف يكون لا شئ ..

وأن ينظر إلى الشارع وأن ينظر إلى السماء .. وأن يتصور أن السماء قد زاحمتها دموع الفقراء والبائسين وتلاميذ المدرسة والحرفين الأولين من حروف الاسم واللقب محفورين على القمطر الأسود .

وأن يتصور البيت المبني من الطين التي في الريف والسقف الخشبي وهو يرم ضفتيه ويقضمهما قضما ,, أو نهر (( المسيسيبي ) وهو يصف جناحيه كالطائر .. وساحة السوق وبائع الثياب القديمة البالية المهلهلة

أو الميكانيكي أو الفلاح تحت الشمس .. أو يتصور ذلك الشاطئ وقرص الشمس عند المغيب لك أن تذكر كل هذا .

ذلك الشاطئ الحزين وقد غادرته البطاقات البريدية وتلك الحسرة التي يلج البحر بها في خلقها وإعادة خلقها من جديد لك أن تتصور كل هذا في الأفق البعيد الممتد …

ولك أن تتصور أيضا تلك المعاناة .. الأب العائل المعيل وهو يسعى جاهدا ويكد لآخر النهار حتى إذا عاد لم يكد يجمع ما يسد حاجته ..لك أن تتخيل الأب العائش فيها المطمئن والعالم يضج من حولك بما هو أكثر من ذلك . وأن تتصور أيضا ذلك القارئ وهو ينظر من الناس أن يؤلفوا عوضا عنه رائعة من روائع الأدب .. وأن يعبروا عوضا عنه عن الأمور التي يكتب له أن يعيشها ..وأن يتصور بالأخص قصور السخاء والترف والعبث بالكلام وصلف الألفاظ ،تلك الألفاظ التي خلفتها ريح الكراهية ..ريح ماكرة في سبيل الأمل .. في صبيحة يوم برد وسلام.

إن الإنسان قد يشقى أحيانا لأتفه الأسباب.. حدثني عن كل هذا !!!!!

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى