بين الغباء والكياسة – قصة قصيرة
سمير الجندي | القدس العربية المحتلة
لم يكن الفتى مسرفا في حب ذاته… لكنه يتقهقر منتكسا حين تحرم عليه ثمار يافا… فلا تستغرب كيف يتدبر أمره. فهو يستعمل كل كياسته الدبلوماسية لتنشئة قصصه الفارهة… ثم يرتعش بأناقة حين يشتمل الأمر على جانب أخلاقي مرموق.. بضعة كلمات لطيفة تصحبها ضحكة هادئة دون اسراف بالاحترام لتبعث في نفوس القوم سعادة من يشارك العشاء على مائدة أمير ارستقراطي… فلا يفرق بينه وبين القوم فاصل.. كيف تتناسل النساء في بلادنا لتربح المعركة؟ وماذا سيقول الأبناء حيال هذا الأمر؟ فالمباديء الأخلاقية جميلة وكلنا ندرك الى اين ستؤدي هذه الثقافة الثورية.
فهل تملك النساء القوة الكافية لتعزيز الشجاعة في عقول رجالها؟ فالقدر يقودنا نحو ذلك الصوت الذي يدفع الهواجس الضيقة نحو البحر. ويرخي الأفكار العميقة لفتح كامل الأبواب لترى راقصون مرحون بفرح جنوني.. وأثواب الفتيات المطرزة تلامس أطراف أقدام الرجال.. سنعود جميعا إلى أنفسنا دون تقهقر… الحركة في ذلك الفراغ الذي لا ينفك يكبر ثم يكبر.. وذلك الفتى يعبر بكيانه عن هيئة الثبات المطلق.. الحماقة سمة من سمات الأغنياء في كثير من الأحيان.
وكرم الثوار لا يجاريه كرم حاتم.. الزمن يتوالى هاربا كسهم يغادر وتر القوس. والقوم يتراجعون غير عابئين بالورطة التي أغرقهم التخلف في تفاصيلها دون أن يعوا. فهم شديدو الطاعة ليس ايمانا ولكن خوفا وفزعا محاولين النجاة بحياتهم… هم يعرفون تبعات خوفهم ويدركون نتائج هروبهم. فيلجئون إلى طاعتهم دون استياء ظاهر البتة. الغباء الشديد يجعل القوم يغيرون الكثير من البديهيات. يغيرون اللغة. ولون الشجر. والقسوة. والبغاء. والنبيذ. وطعم البرتقال. فكل البديهيات تصبح بلا أدنى شك بحرقة الجمر دون حرج او تهيب… أي بكل وقاحة صاخبة…