حكايا من القرايا ” الأرملة والمطلقة “
عمر عبد الرحمن نمر | فلسطين
بدون مقدمات، ودون تنميق كلام… أعرف كثيراً من النساء، تزوجن رجالاً أرامل، فكنّ الزوجة الثانية، ومات الزوج ولم يخلّفن… برأيكم ماذا كانت نتيجة معيشتهن في بيت الزوجية؟ قالوا ” أعطوها حقيقتها، ألفاً… ألفين… ثلاثة… وخللوها تغادر، لأننا نريد تزويج ابننا ونحتاج محل سكنها، فطردت الحزينة بليلة ما فيه ظوْ قمر… وكأنها كانت تعمل موظفة إعارة عند الزوج، ولما انتهى عقدها… انتهت إقامتها، وأجبروها على الرحيل”.
كم هي قاسية هذه الرؤية! وكم هو جائر هذا التصرف!
ولا تختلف الفكرة، والمآل نفسه تواجهه الظرّة (المرأة الثانية) والتي لم يطعمها الله الخلف… فبعد وفاة زوجها، يعوضونها بأتعاب الزوجية، ويسرّحونها… وتختلف النظرة طبعاً إذا كانت ذات خلف، حتى ولو كانت الخلفة ولداً أو بنتاً معاقاً أو معاقة… وكأن هذه الخلفة تعطيها الحق في إقامة دائمة… وعندها لا يحق لأقرباء الزوج المتوفى مناقشتها.
مجتمع ظالم… يترجم القيم إلى مصاري… ولم يعلم الناس أن المصاري كلها لا تشتري قيمة واحدة ولا نصف قيمة…
وحالت كثيرة فيها ظلم للمرأة، ظرة عاقر، تركها زوجها معلقة، لا هي متزوجة ولا مطلقة… تركها تعيش خارج بيت الزوجية وحدها، في ظروف لا يعلم بها إلا الله… وفي النهاية، وقبل أن يموت بفترة قصيرة، ألهمه (لا أدري من؟) أتاه إلهام تجلى في تطليقها، لقد كان حسن ختامه، وبعد إنهاء عملية التطليق أغمض عيونه إلى الأبد… وطلعت الحزينة من الدنيا مثل مصيفة الغور… وعندكم قصة مصيفة الغور… ولا داعي لتذكيركم بها… فهذه الظرة أشبه بعامل كان يعمل عند صاحب عمل، وبعد سنة، سنتين من العمل طرده صاحب العمل من شغله، دون أي تعويض… أكل حقوقه عياناً بياناً…
لا بد من قانون، يحكم الناس، ولا بد من تشريع يحمي هذا النوع من المعنّفات، اللواتي نصب عليهن المجتمع… نساء عملن في بيوت الزوجية… عملن في أرض الرجل، عملن في البيوت… خدمن العيلة… ساعدن في تربية أولاد ظرائرهن، وفي النهاية كانت النتيجة، خروجهن قسرياً من البيوت إيد من قدام وإيد من ورا… وقد توظف – أحياناً – ممارسات للأولاد والزوج، ممارسات وضغوط سلبية، تكرّه الزوجة بالبيت وتضغط عليها للخروج منه… لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم…
رجل كريم – أكرمه الله – عندما توفى والده، وجلس هو والورثة لقسمة التركة، لم ينسَ زوجة أبيه وأعطاها حصتها على الشرع، على داير مليم… وخرجت من القسمة بأرض ومال… الرجل عمل ما يرضي ربه وضميره… وعمل الواجب… أصبح قصة تحكى في المجتمع، وذلك لشذوذ القصة وتفردها…
المرأة، ولا أجامل، إنسانة أيها الناس… والإنسان له حقوق وعليه واجبات، فلم فرضتم عليها الواجبات… وأكلتم حقوقها…؟
أكرمنا يا رب بكرمك… واجعل عقولنا قابلة للاستيعاب، وضمائرنا مهيأة لتقبل الحق… ولنمارس ممارسة خلّاقة فيها الإنسانية والخلق…