وحيد حامد.. في وداع أيقونة عربية
د. خضر محجز | فلسطين
وحيد حامد الناصري المعتق بعروبة تجري في دمه من قريش، لطالما أمتعنا بهتك المستور، وإطلاق أصوات المهمشين.
في “الإرهاب والكباب” سلط الضوء على بيروقراطية أجهزة الدولة، وانسحاق المواطن تحت وطأة الحكم.
في “طيور الظلام” ركز الضوء على استغلال الجماعات الدينية للشعار الديني لنهب ثروة المجتمع، والسيطرة على الدولة.
في “عمارة يعقوبيان” انتقد بقوة تراجع المستوى الثقافي والحضاري لمصر بعد الثورة، وتحالف رجال السلطة ـ في عهد مبارك ـ مع رجال المال. ولم نسمع أن مبارك اعتقله.
في “الجماعة1” عرض لبدايات الجماعة، حتى قيل إنه تم إلغاء بث الحلقة الأخيرة من المسلسل، لأنها أغضبت التحالف الصامت بين الإخوان المسلمين ونظام مبارك في حينه.
في “الجماعة 2” سلط الضوء على حقبة تاريخية فاصلة من حياة مصر، بعد ثورة يوليو، حيث محاولة الإخوان المسلمين السيطرة على الدولة والثورة.
وحيد حامد قال في القسمين من مسلسلة ما لم يقله أحد، حيث كشف الحقائق التي كتبها في مذكراتهم كبار الإخوان ومرشدوهم المتعاقبون، بعد طول إنكار.
أجمل ما في المسلسل، تسليطه الضوء على طريقتهم في قول المقولة في زمن التمكين، ثم إنكار أنهم قالوها في زمن الاستضعاف، مع أنها مرصودة في مذكراتهم، من بيان “ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين” إلى الجهاز السري” ومحاولة اغتيال ناصر بالمنشية، وإنكار علاقتهم بأمريكا، التي صارت الآن تحت سمع وبصر الكاميرا.
شاهدت مسلسل الجماعة بقسميه، فشعرت كم كان هذا الرجل واثقاً من نفسه حين هدده الإخوان باللجوء إلى القضاء، في عهد مبارك ومرسي، فقال: أهلا وسهلاً، فلم أقل إلا ما قلتموه في مذكراتكم.
قرأت تقريباً كل ما كتبه الإخوان منذ التأسيس إلى الانقلاب على الذات بموت المرشد الثالث، فلم أر وحيد حامد قال كلمة كذب واحدة في مسلسله.
الطريف أن بعضاً من الإخوان الذين أغضبهم وحيد حامد، خرجوا أخيراً من الإخوان، وقد أتعبهم هذا الصراع الداخلي، بين صوت ضميرهم وهمس مدينة الأكاذيب.
وحيد حامد، رغم أنه ناصري عتيق، إلا أنه لم يخجل من الاعتراف بأن فاروق كان ملكاً وطنياً، حتى وإن شاب جهاز حكمه الكثير من الفساد والضعف، حيث رأينا الملك في مسلسل “الجماعة 2” يرفض الاستعانة بالسفارة البريطانية ضد الضباط الأحرار.
اليوم غادرنا العملاق إلى رب غفور.
وحيد حامد، وداعاً أيها الجميل.
وعمار يا مصر