بمناسبة اليوم العالمي للمسرح: المحاكاة الأرسطية وتغريب بريخت
المتوكل طه | فلسطين
إن المدارس الأدبية؛ الكلاسيكية، الرومانسية، والواقعية تصوغ كل منها المتطلبات الجمالية والفنية، لحقبة تاريخية محددة، ولنظام إجتماعي في مرحلة خاصة من مراحل التقدم الانساني، وكل مدرسة أدبية تستند إلى نظرية “من باب فلسفة الفن”.
فالمدرسة الكلاسيكية تستند إلى (نظرية المحاكاة) والرومانسية إلى (نظرية التعبير) والمدرسة الواقعية تستند إلى (نظرية الانعكاس).فالمحاكاة الأفلاطونية والأرسطوطاليسية شكّلتا المدرسة الكلاسيكية القديمة. والكلاسيكية كمدرسة أدبية لها نظرة انطلق أصحابها من منظار خاص يؤمنون به في تفسير الأدب والفن .
إن بعض الفن، وإن لم يكن كلّه، يحاول أن يكون “مطابقاً للحياة” وإن لم يكن يفعل ذلك عن طريق “النسخ” الحرفي للتجربة المعتادة، ويمكن القول إن بعض الفنون تكون أقرب إلى مطابقة الحياة، خصوصاً إذا كانت هذه “الفنون” تصوّر الناس وهم يتحدّثون ويؤدّون أفعالاً .
وأرسطو طاليس حلّل الطريقة التي تحاكي بالحياة في كتابه “الشِعر” الذي اعترف به جميع دارسي الأدب بأنه أهم كتاب ألّف في جميع العصور، وأثّر فيما بعد بمسار حركة الأدب والفن، وما زالت آثاره واضحة المعالم في دائرة الأدب والفن بشكل عام. (راجع كتاب النقد الفني لجيروم ستولنيتز)
مفهوم المحاكاة عند أفلاطون :
المحاكاة تعني المشابهة أو المماثلة، و”المحاكاة” كمصطلح أفلاطوني تعني أن الفن صورة مشوّهة عن واقع ناقص (مشوّه) عن عالم المُثُل الكامل ، والفن صورة عن صورة العالم الناقص، فهي بالتالي ناقصة مرّتين أو مشوّهة مرتين . وهذا ما يفسر هجوم أفلاطون على الشِعر والشعراء والفن عموماً، وتفضيل الفلسفة عليه .
المحاكاة عند أرسطو في كتابه “الشِعر” :
لما جاء أرسطو – الموضوعي في نظرته – واستقرأ النتاج الأدبي اليوناني في عصره، أعطى المحاكاة معنى يختلف عن أستاذه المثالي أفلاطون، ومفهوم المحاكاة عند أرسطو لا ينحصر في تعريف واحد، إنه مفهوم واسع ومتشعّب، فلقد قسّم أرسطو العلوم إلى علوم انتاجية (إبداعية) مثل الشِعر والخطابة وتبحث في المنفعة والجَمال، وعلوم عملية وهي التي تختص بالسلوك الإنساني مثل السياسة وتبحث في الأخلاق، وعلوم نظرية وهي التي تبحث في الطبيعة.
ولقد قبل أرسطو مبدأ “المحاكاة” في طبيعة الفن، لكنه رفض أن تكون “المحاكاة” نقلاً “مرآوياً ” كما فعل أفلاطون .” فشِعر الملاحم وشعر التراجيديا والكوميديا والدثوربي، وأكثر ما يكون من الصّفر في الناي واللعب بالقيثار، كل تلك، بوجه عام، أنواع من المحاكاة “والمحاكاة يتحكم فيها ثلاثة أشياء، وتفترق المحاكاة عن بعضها تبعاً لهذه الأشياء :-
أولاً: أداة المحاكاة
وهي التي تفرّق بين فن وفن تبعاً للأداة المستعملة، فالشِعر أداته الوزن واللغة، أما الإيقاع والوزن فيستعملان وحدهما في الصَّفْر في الناي ، أما الرسم فأداته الألوان، والموسيقى أداتها الوزن والنغم، أما بالنسبة للرقص فإنه أيضاً يحاكي الخلق والانفعال والفعل بواسطة الأوزان “والشاعر يكون فقط عندما يأتي بالمحاكاة في مزيج من الأعاريض” ومن هذه الفنون مَن يتلقّى بالسمع ومنها ما يُتلقى بالسمع ومنها ما يُتلقى بالبصر .
ثانياً: موضوع المحاكاة :
الفن يحاكي الناس وهم يعملون، أو في حالة الفعل وهم يتحدثون ويتحركون، وهؤلاء المحاكون – بالضرورة – إما (أخيار) وإما (أشرار) أي أن الفن يحاكي الناس أسوأ مما هم أو أفضل مما هم، والأكثر شراً ( الكوميديا ) والأكثر خيراً (التراجيديا ) والفن عند أرسطو لا يكتفي بأن “يحاكي” ما هو كائن، وأرسطو يميّز بين التاريخ والفن . فالتاريخ عند أرسطو محدود بما مضى أي بالأحداث التي حصلت والمرتبطة بأزماتها، فهو بذلك،أي التاريخ، لا يصل إلى المعنى الكلي، بينما الفن كانت مهمته أن يكمل النقص في الطبيعة، فهو يستحدث مجريات أو (ما سيحدث) في الأفعال الإنسانية والانفعالات البشرية . فالتاريخ قد تحدّث عن “أشياء” أو أمور حصلت. أما الفن فيمكن أن يكون أحداثاً لم تقع أو يمكن أن تقع. فالفن أصدق أو أكثر صدقاً، وأكثر فلسفة على عكس التاريخ الذي يحكي فقط عن أشياء جزئية.. وبالتالي فإن الفن عند أرسطو أكمل من الطبيعة.
ثالثاً : طريقة المحاكاة :
يقول أرسطو : إن هناك فنوناً تعتمد على التمثيل، والمقصود هنا “المسرحية” والقضية المهمة هي أن فَهْم نظرية أرسطو ينبع من فهمه للمسرحية. والمسرحية عند أرسطو نوعان : الأولى الكوميديا، والثانية التراجيديا.
وفي المسرحية جعل أرسطو المأساة “حركة تؤدي” وجعل وظيفتها أن تثير عاطفتين:
أ. عاطفة الخوف
ب. عاطفة الشفقة، أي أن المُشاهد يتمثّل الحديث، وهاتان العاطفتان إذا وقعتا في نفس المشاهد فإنه (يتطهّر) .. أي أن المشاهد يصل إلى (السعادة ) عن طريق التخيّل وهو ما يعرف اليوم بمصطلح لعب دور الآخر.
والمحاكاة عند أرسطو موجودة بالضرورة في الإنسان كأمر فطري منذ الصغر، أي أن الإنسان بطبيعته “يحاكي” بسبب غريزتين:
أولاً: غريزة المحاكاة : كالطفل الذي يحاكي أبويه والهدف هنا التعّلم، وهذا ما يجعل الإنسان يختلف عن سائر الأحياء بأنه أكثرها محاكاة، وأنه يتعلّم، أول ما يتعلّم، بطريقة المحاكاة.
ثانياً: غريزة النغم والإيقاع : ومن خلال هذه الغريزة يحاكي الفنان الطبيعة الإنسانية والالتذاذ بالأشياء المحكية أمر غير خاص وإنما عام للجميع، ودليل ذلك أننا نلتذّ بالنظر إلى الصور الدقيقة البالغة التي نتألم لرؤيتها، وكأشكال الجثث الميتّة، ومردّ ذلك بسبب أن التعلّم ليس لذيذاً للفلاسفة وحدهم، بل لسائر الناس أيضاً، ولكن هؤلاء لا يأخذون إلا قسطاً قليلاً إذا ما قيسوا بالفلاسفة. واللذة عند أرسطو أيضاً من الممكن إن تنشأ عن غير طريق المحاكاة، فمثلاً : إذا لم تكن قد رأيت الشيء قبلاً، فإن اللذة لا تكون حينئذ ناشئة عن المحاكاة، بل عن الإتمام أو عن اللون أو عن سبب آخر .
وإذا كان وجود المحاكاة لنا امرأ راجعاً إلى الطبيعة، وكذلك الإيقاع والنغم ، فإن مَنْ كانوا مجبولين عليها منذ الخلق قد أخذوا يرقون بها تدريجياً حتى ولّدوا الشِعر من الأقاويل المرتجلة، ثم انقسم الشِعر تبعاً لأخلاق قائليه، فمَنْ كان ميله للدناءة حاكى أفعال الأدنياء، ناظمين أول شيء قصائد الهجاء ، كما نظم الآخرون قصائد التمجيد والمديح، فمَنْ كان ينشد الهجاء أصبح من تبعه صُنّاع كوميديات، ومَنْ كان يغنّي المديح أصبح تابِعُه صانع تراجيديا بعد أن كان سلفه شاعر ملاحم .
والكوميديا :
إنما هي محاكاة الأدنياء، لا بمعنى وضاعة الخلق على الإطلاق، فإن (المضحك) هو نقص ما، وقبح لا ألم فيه ولا إيذاء ، مثال ذلك القناع الذي يستخدم في الإضحاك وفيه قبحٌ وتشويهٌ .. ولكنه لا يسبب ألماً .
والتراجيديا :
تمثيل لعمل عظيم، جليل، وافٍ في كلام يتضمن وزناً وإيقاعاً وغناء، أما أجزاؤها فيتم بعضها بالعروض وبعضها الآخر يتِمّ بالغناء، وهي محاكاة تمثّل الفاعلين وتتضمن الرحمة والخوف لتحدث تطهيراً للانفعالات.
والمحاكاة يقوم بها أناس وهم في حالة الفعل، ولكي يتم محاكاة التراجيديا يلزم :
1 . إن تكون تهيئة المنظر جزءاً من أجزاء التراجيديا .
- الغناء.
- العبارة، أي نظم الأوزان.
سبب الأفعال :
وإذا كانت التراجيديا محاكاة لعمل، يقوم به أناس في حالة الفعل، فإن هؤلاء يلزم أن تكون لهم خصائص معينة في الخلق والفكر. (إن للأفعال عند أرسطو سببين هما الفكر والأخلاق، وعنهما ينتج كل إخفاق وكل نجاح ) وعلى ضوء ذلك تكون “القصة” محاكاة للفعل، ويعني أرسطو بالقصة نظم الأعمال ” وبالأخلاق ما ننسب إليه وصفنا للفاعلين بصفات ما، وبالفكر ما به يدل القائل على شيء أو يثبت رأياً ” .
وباختصار، فإنه يلزم أن يكون لكل تراجيديا ستة أجزاء هي التي تميزها، وهي : القصة، الأخلاق، العبارة، الفكر، المنظر، والغناء، واثنان منها تقع بهما المحاكاة، وطريقة المحاكاة واحدة، والباقي ما يحاكي .. كما أن المسرح (الأرسطوطاليسي ) تتمثل فيه وحده الزمان والمكان والحدث، أي لا تسير الحوادث إلا عبر تسلسل.. والزمن فيه فترة لا تتعدى الدورة الشمسية الواحدة، المكان محدد وفيه تجري الحوادث. وتناقلت المسارح هذه الوحدات على شكل واسع جداً . هذا بعض الأثر الذي أحدثته نظرية أرسطو، بجانب تأثيرها في خلق الكلاسيكية الجديدة في أوروبا عندما ترجم كتاب الشِعر لأول مرة سنة 1498 كما يشير جيروم ستولنيتز في كتابه ( النقد الفني ) حيث يقول “وعلى الرغم من تغلغل النظرية في التفكير الايطالي والانجليزي وانتشارها وتضاؤل أثرها في القرنين التاليين إلا أنها ما زالت موجودة في طرق التفكير الحديث المعاصر عن الفن” .
ونذكر هنا أن كتاب أرسطو في الشِعر قد ترجمه بشر بن متّى لأول مرة في القرن الثاني الهجري ما جعل الكثير من النقاد العرب والفلاسفة يفيدون من هذا الكتاب ويخلقون قواعد نقدية نظرية وفلسفية، ويناقشونها كالفارابي وابن سينا .. ولا يزال النقاد الحديثون ودارسو الشعر يفيدون من هذا الكتاب الأصل .
ما يؤخذ على أرسطو
أما بالنسبة لما يؤخذ على نظرية المحاكاة الأرسطية – في اعتقادي – ما يلي :
أولاً : إنعكاس الجوهر فيها يبدو مفقوداً، وبالرغم من أن أرسطو قد خطا خطوة جبارة، وأعطى المحاكاة أبعاداً أكثر واقعية من أفلاطون ، إلا أن الجوهر أو (علاقات الكل) لا تتشابك في شخص .. بمعنى أن المفروض في النظريات الحديثة وخصوصاً الواقعية الجديدة أن يكون العمل الفني أو الأدبي يعبّر عن الجوهر وليس عن السطح . إن الشيء الملموس ملموس بالضبط لأن علاقات الكل – كل ما هو ليس هذا الشيء – تتشابك فيه بشكل خاص. أي عليّ أن أدرك الكل من ظاهرة واحدة.. لكن المحاكاة شرطها أن تنسخ – وليس بالضرورة مرآويا – لا أن تغوص لتدرك أبعاد الكل في الظاهرة . فمثلاً عندما يصور شكسبير روميو وجولييت فإنك تلمس من خلال قصتهما الخلفية الاجتماعية السائدة في ذلك العصر . أي أن روميو إنسان تمر من خلاله جميع العلاقات والقيم والعادات السائدة في مجتمعه، بمعنى، من خلال هذا الفرد استطيع أن أفهم المجموع، أو من خلال الجزء استطيع أن أفهم الكل .
ثانياً : أما المحاكاة باعتبارها محاكاة أناس في حالة الفعل .. أقول بما أن الفعل الاجتماعي هو جوهر الحياة الاجتماعية، فإنه بطبيعته جوهر متناقض، وبالتالي تنعكس فيه جميع التناقضات الاجتماعية .
ثالثاً: وقول أرسطو إن التراجيديا تحاكي أناساً أخياراً ، لهو قول غير صحيح، لأن التراجيديا عبارة عن وصول التناقضات الاجتماعية بين الفرد وقدره الاجتماعي أو الديني إلى الذروة . ومثال ذلك مأساة ” أنتجوني ” التي منعها الملك ” كريون ” من دفن شقيقها، لأن شقيقها كما يراه الملك خائناً ، في حين أن الملك هو خالها . وفي تلك اللحظة عليها أن تدفن أخاها ومن المستحيل أن تتركه للعراء، كما أن آلهة الأولمب تطلب منها دفنه ، ومن هنا فإنها وقعت في مأساة فهل تُغضب الملك، أم تُغضب زيوس آلهة الأولمب ؟ بلغة أخرى لقد تم الصدام بين الطلب الآلهي والطلب الدنيوي ووقعت انتجوني بين الطلبين فهل هي خيّرة ؟ ليس بالضرورة سبب سقوط الفرد يتمثل في شخص شرير، بل بالأحرى إن التناقضات الاجتماعية قد وضعت الإنسان ضد الإنسان الآخر – وهذا هو سرّ الشر – ومثال آخر : لو جاء شخص إلى بيته ورآه يحترق وأمه بداخله، ورأى في ذات اللحظة أخته تغرق في مسبح الحديقة، هذا بلا شك قمة المأساة – والسؤال هو : مَنْ يختار لينقذه ؟ قد تتعدد الاحتمالات والإجابات .. ولكن الجواب المعقول أكثر هو لماذا أوضع كفرد أمام خيار تراجيدي بالضرورة. وهل يا ترى ذاك الشخص خيّر أم شرير ؟ لا ندري، وليس بالضرورة أن يكون خيّراً.
رابعاً : أما بالنسبة للكوميديا بأنها محاكاة الأدنياء، أعتبره أيضاً كلاماً مغلوطاً . لأن الدراما ليست إلاّ الوجه الآخر للتراجيديا، فإذا نظرنا للحدث من الداخل وكيفية قيادته الفرد إلى الهاوية، فنحن سنبصر الجانب التراجيدي للفرد، وإذا نظرنا من الخارج فإننا سنراها مهزلة.
خامساً : يؤمن أرسطو أنه عبر الشفقة والخوف يتطهّر الإنسان (المُشاهِد) أي، أفهم أن هدف أرسطو هو التصالح مع الواقع بأحسن صوره ، وبالتالي يدرك الجوهر على أساس أنه محاكاة . وأقصد أن أرسطو هدفه التصالح، لأنه من خلال رؤية المشاهد للمسرحية يفرّغ ما بداخله من نقمة على الواقع ويخرج من المسرحية (نظيفاً ) ليس في خلجه أي بذور حقد على الواقع . وهذا برأيي تصالح لا يدفع المشاهد لأن يغيّر واقعه نحو الأحسن، لأن التراكمات التي ترسّخت في داخله زالت وذابت بفعل رؤية المسرحية ، أي قامت المسرحية بواسطة (التطهير) بعملية غسل لهذه التراكمات .
إن أساس المسرح الأرسطي هو في الوظيفية التكيّفية وليس هناك من أساس لتثوير الواقع نفسه .
بين أرسطو وبريخت :
وإذا عقدنا مقارنة بين مسرح أرسطو طاليس وبين مسرح بروتولد بريخت، فإن موقف بريخت أكثر ثورية (إنسانية) . فبريخت عاش في مجتمع رأسمالي ، وأرسطو عاش في مجتمع الرقّ والعبودية .. أي أنهما عاشا في مجتمع يعتريه التمايز الاجتماعي، ولكن بريخت رفض واقعه، وبالتالي عمل في مسرحياته أول ما عمل، إنه أخرج نظرية التغريب والتي كسر فيها مسرح المطبخ كما يسميه .. وتتضمن :
- منع حصول التطهير عند المشاهد، لأن التطهير في النهاية يعني إعطاء قدرة على التكيّف مع الواقع بأسمى شكل، وبالتالي يدخل في المحاكاة – وبدل ذلك يدعو إلى حقن المشاهد بالطاقة بدل تفريغها.
- بريخت يريد من المشاهد أن يفكّر بالحدث من الخارج وليس أن يتمثّل الحدث .. لكي يدفع المشاهد للتغيير ويشحنه تراكمياً وهذا بالضبط يناقض ” تطهير ” أرسطو، فمسرح أرسطو عاطفي ومسرح بريخت فكري .
- وبريخت يؤمن بأن الجوهر هو عرض علاقات الكل عبر الظاهرة الخاصة أو الملموسة بحيث تحقق هدف تجاوز الواقع أو التغيير . بلغة أخرى، أرسطو يجعل المشاهد يتمثّل الحدث وبالتالي يتصالح مع الواقع ولا يعمل لتغييره. أما بريخت فإنه يجعل المشاهد يرى الحدث من الخارج، لا أن يتمثّله ويتصالح مع الواقع، بل يدفعه لتغييره .. فمسرح أرسطو يؤدي إلى خلود الواقع، ومسرح بريخت يؤدي إلى تغييره ( التجاوز ) .. وبالتأكيد فإن موقف بريخت أكثر شمولية ووعياً من موقف أرسطو .
وبريخت استفاد من مسرح الشرق (الراوي والحكواتي) ونسجهما في قلب مسرحه، بالإضافة إلى التغريب بدافع الخروج من أسار أرسطو، فمسرحه مناقض تماماً لمسرح أرسطو .