صوّتوا لفلسطين واحدة موحدة
عدنان الصباح | فلسطين
بدأ العد التنازلي للوصول إلى يوم الانتخابات الذي حدده الرئيس محمود عباس لإجراء انتخابات المجلس التشريعي دون أن تجد الفصائل الفلسطينية جميعا وفي المقدمة فتح وحماس نفسها ملزمة بتقديم تبرير عن سبب توافقها على الانتخابات في ظل الانقسام ولأول مرة منذ عقد ونصف يبدأ التناغم بين الفصائل جميعها وتظهر المجاملات ويغيب النقد ويلتزم الجميع بالهدوء ويتحلون بمسئولية عالية من التعقل واحترام الآخر وفي نفس الوقت يصمتون بشكل مريب عن حكاية الانقسام وكان هنا اتفاق غير معلن حول الأمر.
أي اتفاق يمكن أن يكون بين فتح وحماس وحدهما أو بين جميع الفصائل من خلف ظهر الشعب وكيف تريد هذه الفصائل من شعبها ان يصوت لها في ظل تعتيم كامل عما تفعله او ما ستفعله بهذه الانتخابات ولأي هدف جاءت وهل من الممكن لانتخابات الانقسام ان تفرز الوحدة علما بان الانقسام قد لا يقف عند انقسام فتح وحماس بل قد يمتد إلى أبعد من ذلك ليس سياسيا فقط وانما اجتماعيا فالقبول بالتعايش مع الانقسام الذي فعلته الفصائل الرسمية جميعها بالقبول بالذهاب إلى الانتخابات ونحن على ما نحن عليه سيجعل من حق من يريد ان ينقسم ان يفعل عشائريا وسياسيا واجتماعيا وانتخابيا على ما يبدو ان هذه الانتخابات قد فتحت شهية الجميع لان يذهبوا بأسمائهم الى صناديق الاقتراع وسنجد العديدين ممن يمكنهم ببساطة جمع دزينة من الاسماء ليصل بشخصه الى لقب عضو التشريعي ليس أكثر فعديدين شمروا عن سواعدهم وبدأوا باتصالات لتشكيل قوائم بلا برنامج وبلا هدف ودون حتى ان يضعوا خطوط عريضة أو اهداف فضفاضة فما دامت القيادة التاريخية لم تكلف نفسها عناء تبرير ما تفعل وفي نفس الوقت تعلن عن ثقتها بانها ستفوز بأصوات الشعب المغيب فلماذا لا يفعل غيرها ما تفعله بنفسها وبشعبها.
الغائب الوحيد عن صناديق الاقتراع هي فلسطين فلا يبدو أن هناك من يعنيه الأمر فالاحتلال يعربد في كل مكان ليس على ارضنا فقط بل في كل جهات الارض ويحقق انجازات في كل شيء علما انه يعيش حالة فوضى سياسية وانتخابات لا تتوقف فيعلن عن مصادرة أرضنا يوميا ويتغول في بناء المستوطنات والاعتقالات ويحقق انجازا في تطعيم رعاياه ويصل به الأمر إلى تطعيم عمالنا ويعلن عن وجود عمال لنا في المستوطنات التي يفترض بنا اننا نقاطعها وندعو لمقاطعة منتجاتها في حين يكشف الاحتلال أن أيدينا هي من تصنع تلك المنتجات دون أن يكترث أحد من فصائل ” الثورة ” بهذا الأمر تماما كما أنهم لم يعودوا يكترثون لوحدة الوطن المنهوب والمنهوش من كل حدب وصوب.
القيادة الفلسطينية لم تحاول فضح إسرائيل والزامها بإحضار لقاحات كورونا لنا كونها الدولة التي تحتل بلادنا ونحن نعلم ان الجهة الوحيدة التي تملك لقاحات زائدة بل ان الاخبار سربت محاولاتها لابتزاز بعض الدول سياسيا مقابل اللقاحات وعبر مؤتمر صحفي يعلن رئيس وزراء الاحتلال منفردا على لسان ولي عهد الإمارات بانها ستقوم باستثمار 10 مليارات دولار في اسرائيل وقد تصل مليارات بن زايد الى الاستثمار بالاستيطان بعد أن استقبلوا قادة المستوطنين ومنتجاتهم بلا خجل حتى من دول العالم التي تعلن مقاطعتها للمستوطنات ومنتجاتها.
ترى لصالح من ينبغي للمواطن الفلسطيني أن يقترع … لفتح أو لحماس وهما أصحاب فكرة الانتخابات وهم من استطاعوا أن يتفقوا عليها دون أن يتمكنوا من الاتفاق على الوطن والقضية … هل يقترع للفصائل الاخرى وهي التي تعجز حتى عن قول حقيقة ما يجري وما تم الاتفاق عليه في الغرف المغلقة … هل يقترع للقوائم المستحدثة ام لأسماء اشخاص أم لعشائر أو لجهات ومناطق وفي جميع الحالات فإن الانتخابات أن حدثت ستكون اقتراعا لصالح المجهول أيا كان من سنقترع لصالحه.
إن السيناريو الأسوأ في حكاية الانتخابات هذه أن لا تفتح الصناديق أبوابها يوم 22 أيار لهذا السبب أو ذاك ولا نكون عندها قد كرسنا الانقسام وقبلنا التعايش معه فقط بل إن الأخطر من ذلك أننا سنكون قد فتحنا أبوابنا وشبابيكنا جميعا لانقسامات لا أحد يدري إلى اين ستصل بنا وببلادنا وقضيتنا في ظل هذا السعي المحموم لدفن قضيتنا تحت التراب عبر دفننا قبلها كشعب واحد لأرض واحدة ولذا فإن المصلحة الحقيقية لشعبنا تقضي بأن يكتب الشعب على ورقة الاقتراع كلمة واحدة ” فلسطين واحدة موحدة ” ولا شيء آخر فواجبنا أن نقترع لمن يذهب بنا إليها لا لمن سيذهب بها بعيدا عنها.