أما لهذا الموت من ٱخر؟ !!

د. أحمد الطباخ
لا يحدثنا أحد بعد اليوم عن حقوق الإنسان بعد الذي رأيناه في غزة، وما فعله هذا الكيان البغيض الذي ارتكب إبادة جماعية طوال هذه الشهور التي انقضت وما يزال على مرأى ومسمع من كل هذا العالم المغرور الذي يلوك ليل نهار تلك الحقوق ويتراءى بأنه المدافع عنها، وهو أبعد ما يكون عنها من خلال هذا السكوت البغيض والصمت المريب الذي هو عليه، وهو يتابع بل يشارك ربيبته وذراعه في غزة، وهي تذبح بماء بارد وتدمر وتقتل وتهجر وتشرد وتجوع وتحاصر وتفعل كل الموبقات والجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية حتى وصل إلى حد النفاق والمشاركة العلنية دون حياء ولا خجل ولا رقيب وسلم لي على القانون الدولي ومجلس الأمن وحقوق الإنسان، وكل الأعراف الدولية التي مرغها الاحتلال وداسها، وركلها بنعليه في غرور القوة الباطشة المنزوعة الشفقة والإنسانية وانعدم ذلكم الضمير الإنساني، وأهانوا كل دين حض على كرامة الإنسان لا سيما المرضى الذين قتلوهم ومثلوا بجثثهم ودفنوهم أحياء بعد أن عربدوا، ودخلوا المشافي واحتلوها في مشهد لم يشهد مثله العالم في تاريخ الإنسانية ، وفي حروبها من قبل دون رادع من ضمير ولا خوف من دين ولا حساب، وكأننا في غابة يأكل القوي الضعيف، ويحتل الأرض ويقتلع الحجر والبشر، ولا يراعي حرمة ميت ولا كرامة إنسان ولا مرض ضعيف ولا عجز كهل وشيخ كل ذلك يحدث في القرن الذي يتباهى هؤلاء الرعاع الهمج القتلة بأنهم قتلوا رقما كبيرا من هؤلاء المرضى والعجزة من الطواقم الطبية في مشفى ليس فيه سلاح ولا مقاتلون من المقاومين ، والعالم الذي يدعي أنه حر ومتقدم لم يحرك ساكنا بل يقدم الدعم المادي والعسكري والمعنوي لهذا الكيان المعربد البلطجي ، والذي يمارس النازية في أنصع صورها تجاه شعب لا حول له ولا قوة منذ ما يزيد على العام والنصف ولا شيء سوى القوة الغاشمة والدمار الشامل والإبادة الجماعية والعربدة العسكرية برا وبحرا وجوا وحصارا وتجويعا وقتلا ، والكل صامت ساكت لا يفعل شيئا ، ولا يحرك ساكنا ، فلماذا كل هذا الحقد والصلف والكبر والغرور ضد أهل فلسطين الذين يعانون كل هذا الظلم البغيض والاحتلال الطويل والحرمان الذي ليس له مثيل ، وهذا الدمار الذي لحق الجامعات والمدارس والمنازل والناس والأطفال والنساء والمشافي وكل بنية تحتية في مشهد مأساوي لا يكمن أن يرتضيه إنسان حر في الشرق والغرب إلا إذا كانت حربا تريد الدين والهوية وتصفية حسابات قديمة عند هذا الغرب الداعم لهذا الكيان في حربه التي لن يكتب لها النجاح وإنما بعد كل تلك الشهور سيأتي النصر والفتح لأهل فلسطين ، وليس ذلك على الله ببعيد فنصر الله قريب لأهل فلسطين الصامدين وعلى الثغور يرابطون وفي سبيل الله يجاهدون