تغيّبني الآهاتُ
شعر: وليد حسين
لدى روضةٍ ذاكَ البريقُ وحسنُهُ
تجودُ بما أرختْ عليك غمائمُ
///
غدائرُها مَرجٌ تشظّى عبيرُهُ
إذا أمسكتْ عبقَ الحقولِ المواسمُ
///
فكيف طَحا قلبٌ ..! تمطّى بهجرهِا
بلا فُسحةٍ غنّاءَ يرحلُ هائمُ
///
على قدرِ بيتِ الطينِ يفترُّ ناعسٌ
وكانَ بلا سعيٍ لعلّهُ نائمُ
///
يروّحُ عن همٍّ غزا النفسَ بغتةً
ليمضيَ إلى ركن وتلك مغانمُ
///
ولم ينتبه حتّى خبا بين حيرةٍ
من القلقِ الممتدِّ بانت قوادمُ
///
بلا غربةٍ قامت ملامحُ بلدةٍ
تغنّت بطيبِ العيشِ والوجدُ دائمُ
///
ولم تَمتهِنْ نَكظَ المواعيدِ بيننا
أطاحت بذاك الوعر بئس المزاعمُ
///
وكم ترتجي عند اللقاء مكانةً
بها من عظيمِ الشأنِ جلّتْ قوائمُ
///
تميل بنا إنْ أحَسنَ الدهرُ نهجَهُ
ومن هامةِ الأجيالِ بانتْ عوالمُ
///
رويداً أبا الغَمرَاتِ ليتكَ مرسلٌ
لأدنى شيوعِ الأرضِ جدّتْ عزائمُ
///
فهل شرّع الساهون في سَبرِ غادةٍ
إذا حرّموا التقبيلَ .. فالكلُّ آثمُ
///
وكيف يكون ..! الحالُ من دون قبلةٍ
تخللها صمتٌ من الشوقِ عائمُ
///
يشيدُ بها قلباً أتمَّ حضورَهُ
على إنّ ذلك الوقتَ يحصيهِ غانمُ
///
يحرّك في الجَمرَاتِ أوتارَ رغبةٍ
فهاجَ بنا طيفٌ وقلبُك سائمُ
///
وكانوا بلا قيدٍ تصدّى بعضُهم
إلى سلبِ ما في العشق جلّتْ محارمُ
///
فلو كان ملتاعاً يفيضُ براءةً
يجسّدُ عمرَ الوردِ نزّت نسائمُ
///
أنا في غمارِ الحبِّ يَمّمتُ وجهتي
تحيطُ بي الأقدارُ نعم الحمائِمِ
///
تغيّبني الآهاتُ عن طول همّةٍ
علاها كموجِ البحرِ دمعٌ وساجمُ
///
وتحفرُ في نفسي أخاديدَ لوعةٍ
على زمنٍ قد هدّ فيك التراحِمُ
///
وتاخذني الذكرى وما كنت أبتغي
سبيلا بغير النُصحِ يغنيك ناقمِ
///
تلوّى وقد أخفى تضاريسَ رحلةٍ
من السفرِ المجهولِ يلقاك واجِمُ
///
///
لعلّي أغالي في انتهاكِ قناعةٍ
تجسّدها الحرمانُ .. إنْ قامَ آدمُ
///
تحيلُ عناءَ الروحِ لو طابَ سعيها
إلى مدنٍ أخرى وتلك تراجمُ
///
كأنّ الذي أرسى دعائمَ أمرهِ
يسيرُ بهِ الطوفانُ واللهُ عاصمُ
///
يجودُ علينا من أواني فضّةٍ
شراباً طهورأ لن يغرّك صائمُ