خليل السواحري .. علم من أعلام الثقافة الوطنية والقومية
محمد زحايكة | القدس العربية المحتلة
كانت لي مع الكاتب المبدع الراحل خليل السواحري قصص وحكايات.. منها أنه كلما تواجدت في العاصمة عمان.. لا بد لي من قفزة إلى دار الكرمل للنشر.. وهناك يلقاني”ابو عروة” هاشا باشا بقامته الفارعة ومحياه الباسم.. ثم “اكروع” من زهوراته المنعشة.. وبالكاد اتملص من دعوته على غداء او عشاء..
ومرت الأيام.. ليعود أبو عروة من إبعاده القهري والقسري في أعقاب الغضيب أوسلو.. ونتمشى في أسواق القدس العتيقة مع مجموعة من المبعدين العائدين أذكر منهم نعيم الأشهب.. وأرقب ردود أفعال أبو عروة وصحبه وكأنهم عادوا إلى أيام الصبا والجمال يضحكون و”يكركرون” ولكن الأسى يرتسم على ملامحهم وقد تغيرت ملامح الامكنة وخاصة على يد السارق الخواجا شلومو.. “ادعوا عليها بالكسر”.. والحال كذلك يصر الصاحب على اصطحاب المجموعة وعلى رأسها أبو عروة إلى مراتع الصبا إلى سوق الباشورة وهو عنوان كذلك لمجموعة قصصية ربما الأولى للكاتب السواحري.. وبعد نظرة سريعة على المكان يلمح الصاحب دموعا تترقرق في عيني أبو عروة تأثرا بعد غياب طويل بما آلت إليه حال البلدة القديمة التي شهدت روحاته وغدواته في الأيام الخوالي ..
وفي اليوم التالي نذرع شوارع القدس خارج السور بعد مقال انطباعي جميل عن الجولة في العتيقة نشر في جريدة القدس لخليل السواحري بأسلوبه الرشيق وذكريات الحنين الجميل.. فنزور بعض المؤسسات المقدسية ومن بينها جريدة الفجر في حضرة الراحل على الخليلي ونستعيد ذكريات الزمان البعيد وأحاديث الغزاة.. وألمس حزنا دفينا في صدر السواحري الذي بدا موجوعا حتى التخمة من الهزيمة التي حاقت ببلاد الرافدين.. ويردد متحسرا على واقع الأمة العربية “يبدو أن هذه الأمة قد أخذت نصيبها من التاريخ ولن تقوم لها قائمة من جديد” .
وفي هذه الاثناء نفتح مع السواحري الذي بدا متحمسا ومهتما رغم تداعيات الهزائم المتواصلة ووطأتها.. خطوط تعاون لدعم نتاجات الصحفيين والمصورين الصحفيين لتسويق نتاجاتهم ومعارضهم في بعض الدول العربية حيث ننجح في مكان ونفشل في آخر ..
ويرحل خليل السواحري.. تاركا في نفس الصاحب بقايا لوعة واشواق على انسان مبدع غيبه الموت قبل أن يرى حبيبته عروس المدائن ترتدي حلة النصر والتحرير.. لذكراه المجد ولروحه السلام..