الممحاة

أسعد الجبوري | شاعر عراقي مغترب

دونكيشوت: أرى وجهكَ مُتصحراً يا سانشو ؟!

سانشو: من شدّة الرياح يا سيدي الدون. ففي كل لحظة أجد كثيب رمل في مكان ما على وجهي.

دونكيشوت: لا تشغل رأسك بما فوق الخط الأحمر يا سانشو. كن عاقراً من الأفكار مثل دابتك.

سانشو: لو بقي لي رأسٌ ،لهانت المصيبة يا سيدي الدون.

دونكيشوت: وما هذا الذي على كتفيك؟

سانشو: هذا رادارٌ يا سيدي الدون. يلتقط الصور والمشاهد والأفكار بشكل أوتوماتيكي، ودون استشارتي حتى.

دونكيشوت: ذلك أفضل من وجود رأس على رقبتك. فالرأس طالما يخطئ. وطالما يتلصص بالنظرات الماجنة، فيجلب لصاحبه العقوبات.

سانشو: ولمَ لا تضع مكان رأسك راداراً يا سيدي الدون؟

دونكيشوت: أنا صاحب رادار خفيّ يا سانشو.

سانشو: ويستطيع التقاط الصورة والأحداث والثورات وما وراء الثياب؟

دونكيشوت: وأكثر من ذلك.

سانشو: وما هو الأهم من ذلك يا سيدي الدون؟!!

دونكيشوت: حروب المخلوقات السريّة التي عادةً ما تحدث في الداخل الإنساني.

سانشو: يعني أن رادارك ظاهري- باطني يا سيدي الدون؟

دونكيشوت: أجل يا سانشو. ففي داخل كل إنسان حروب مختلفة. أخطرها تلك التي تتغذى على عقارب الرمال وثعابينها، فتنمو في الظلام.

سانشو: أراك تقدمُ اختزالاً لجميع حروبنا، فتوجزها بحروب الباطن؟!!

دونكيشوت: وتلك هي الحقيقة.فلو لم تلد الأعماقُ المظلمةُ حروبها في الباطن، ما كانت لتمتد إلى الخارج بكل هذا الطوفان الأحمر العنيف.

سانشو: سندقُ الخشبَ على الخشب، ونصنعُ سفينة للنجاة فنهرب.

دونكيشوت: ولمنْ نترك هاتين الدابتين حصاني وحمارك يا سانشو؟

سانشو: نتركهما للقدر. أو لمنْ يُشرعنّ لتلك الحروب العبثية، بتأويلات ضالّة، عادة ما تُنقح النيرانَ، ولا تمحو شهوات الموت.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى