ومضات الصاحب الباهرة في حضرة المبدعين والعباقرة (9)
محمد زحايكة | فلسطين
الفنان سليمان منصور.. إبداع عابر للحدود
بدأت علاقتي في عشق فن سليمان منصور منذ شاهدت لوحته الشهيرة الشهيدة لينا النابلسي معلقة على جدران نادي جبل المكبر في منتصف السبعينات من القرن المنصرم.. ومما زاد في تعلقي بها أن الشيخ ناجح بكيرات – رضي الله عنه – من بلدة صو رباهر المجاورة عندما جاء في زيارة عابرة إلى النادي أبدى امتعاضه من اللوحة بحجة أنها تظهر بعضا من جسدها وكان يومها من المتزمتين المتشددين..!
ومن ذاك الموقف وربما “مجاكرة” بالشيخ ناجح أخذت بعدها أبحث عن هذا الفنان حتى اهتديت إلى كثير من لوحاته وخاصة الأيقونة العالمية “جمل المحامل” .. وحصل في وقت لاحق أن تعرفت على منصور شخصيا وهو إنسان لطيف المعشر يتسم بالتواضع ومحب للحياة بعزة وكرامة مثل باقي المبدعين الفلسطينيين ويسخر فنه العظيم ليكون سفيرا كاسحا لا يقاوم للقضية الفلسطينيبة الأم ..!
وعندما أنظر إلى جمل المحامل أشعر وكأن تيارا كهربيا “يلطشني” وتنتابني مشاعر مختلطة من الدهشة والانبهار بعظمة هذه اللوحة وكذلك توقد في نفسي وتشعل مشاعر الحب اللامنتهي للقدس مدينة السماء..! وبالطبع هناك عشرات اللوحات رائعة الجمال للفنان منصور منها على سبيل المثال المرأة الولودة او الولادة وهي رمز للام الكبيرة وهي فلسطين التي تنجب دائما أولادها وبناتها الجاهزين للتضحية فداء لها.
الفنان سليمان منصور في رأيي المتواضع فنان عابر للحدود، جرب ومارس العديد من أشكال الفن التشكيلي والبصري وأبدع فيها جميعا، ستبقى أعماله خالدة إلى أبد الدهر، ولو كان قدره أن يولد في بلد من البلدان المتقدمة لربما حظي بالنجومية العالمية وأكثر..! وهو يستحقها بجدارة! حاول الفنان منصور أن يؤطر الحركة الفنية التشكيلية في فلسطين مع عدد من زملائه الفنانين، فأنشا دار الواسطي للفنون في القدس.
وكان من المؤمل أن يكون لها شأن مهم.. ولكن ربما لعدم تمكن هذا الفنان الكبير من الإلمام الكامل بالشؤون الإدارية والمالية إضافة إلى شح الموارد والدعم وانشغاله في فنون الإبداع لم يقيض لها أن تستمر!
سليمان منصور وفنه العظيم وسام لامع على صدر الوطن السليب! ليبقى فنه الرائع خالدا إلى الأبد.