استِعادَة ابن خلدون أو قِطَطٌ تَموءُ قَلقاً مِن العَسَس

د. إيهاب بسيسو | فلسطين

-١-
اللُّغةُ مَزيجٌ
مِن مَقصَّاتِ رقابَةٍ في الخفَاءِ
وأنفاسِ وُشاةٍ
تَنبُتُ كَكلِمَاتٍ إضَافِيَّة
بَينَ الكلِمَات …
وهرَاواتٍ مُدبَّبة
تُوجِعُ الذَّاكِرَة
كُلما هَوَت كَحِكايَاتٍ عَاجِلةٍ
مِن تعَب …
-٢-
الفَراغُ دِيكتَاتُور الوَقتِ
يُنظِّمُ مُقاتِليه بِتَوتُّرٍ
كَمَا يَفعلُ قَائِدُ مِيليِشيَا نَزِق
حِينَ يَقتَحِمُ اطمِئنَانَ الأمكِنَةِ
بِفَوضَى مُسلَّحَةٍ
تُحِيلُ كُلَّ شَيءٍ
إلى غَابَاتٍ مِن دُخَانٍ
ورَمَاد …
-٣-
المُسدَّسُ حِكايَةٌ مُضطرِبةٌ
تَظهرُ فجأَةً في العَتمَة
كَومِيضٍ قَاتِل …
يُشبِهُ إلى حَدٍّ كَبيرٍ خِفَّةَ السِّكِين
فِي اقتِرَافِ الاغتِيَالات …
وبَشاعَةِ البَلطَةِ
ودِقَّةِ الخَنجَر …
-٤-
المَدِينةُ وَردةٌ مُتعبَةٌ
فِي مَزهرِيَّةِ قَائدِ المِيليشيَا
المُتصدِّعَة …
كَجُدرانِ كَهفٍ خَفيٍّ
أشبَه بِحُجرةِ دِيكتَاتُور سِريَّة
فِي أزمِنَةِ الحَرب …
-٥-
تَموتُ الزنابق ضَجَراً
فِي مَزهرِيَّاتِ الكرِيستَال …
وتَشتعل الكُتبُ
فِي حوَادِثِ قَتلٍ ذَاتِيَّةٍ
تُشبِهُ الانتِحَار …
وتَذوبُ أصوَاتٌ مِن عطَشٍ
فِي أعمَاقِ آبَارٍ مُوحِلَة …
ويَضحكُ الفرَاغُ
دِيكتَاتُور الوَقتِ الغَامِض
فَوقَ مُدنِ الخَرَابِ
وأمَامَ كَامِيرَاتِ الصَّحَافَةِ
المُنتَفِخَةِ كَمَداً
كَقِطَعِ اسفَنجٍ مُلوَّثَة
بِصَدَى رَصَاصٍ عَابِر
ودِمَاءِ قَتلَى فِي الطُّرقَاتِ
ورَائِحَةِ تَبغٍ رَخِيص …
-٦-
الوُشَاةُ، العَسَسُ، المُخبِرُون
كَتبَةُ التَّقَارِيرُ السِّريَة
صَانِعُو المُحتوَى الهَزِيلِ
فِي يَومِيَّاتِ مُدنٍ مِن وَرَق …
لَم يَقرؤُوا شَيئاً
مِن مُقدِّمَةِ ابن خَلدون
أو أفكَارِ الكَوَاكِبي
أو نُصوصِ جَان لُوك عَن الحُريَّةِ
أو كِتَابَاتِ هِيجِل عَن التَّارِيخِ
والذَّات …
بَل مَضُوا فِي صَباحَاتٍ مُشمِسَة
مِن إجَازَاتٍ مُتقَطِّعَة …
يُنقبُّون عَن حِكايَاتٍ جَدِيدَةٍ
تَصلحُ لاختِبارَاتِ فُولاذٍ قاتِلٍ
فِي أقبِيةِ العَتمَة …
-٧-
حتَّى القِطَطُ المُرَفَّهَةِ
فِي أبنِيَةٍ مُنَّظَّمَةٍ
مُترَاصَّةٍ بِعِنايَة …
كَقِطعِ اللِّيجو المَصنوعَةِ مِن البلاستِيك
والقِطَط الشَّاحِبَة
فِي أحيَاءِ الصَّخَبِ العَشوَائِي …
حَولَ المَطاعِم المُزدَحِمَة
البَاحِثَةِ فِي أعمَاقِ حَاويَاتِ القِمَامَةِ
عَن بقَايا طَعامٍ فِي اللَّيل …
تَموءُ على مَدَارِ التَّرَفِ
والجُوعِ والشَّبَع …
قَلقاً مِن أشبَاحِ الرَّقَابَة
وحَدقَاتِ العَسَس …