أدب

أبي.. في ذكراه الثلاثين

بمناسبة مرور ثلاثين عاما على رحيل الوالد في ١٧ رجب شهر الإسراء ١٤١٤ هجرية وانتقاله طيب الله ثراه الى الرفيق الأعلى

شعر: هلال السيابي

سَريتَ معَ الإسراءِ تَختَرِقُ الحُجبا
أبي، وترومُ الخلدَ مؤتلقاً صَبٌَا

***

وتَرتادُ ما بينَ الكواكبِ منزلاً
وتختارُ من سامي منَازلِها الرٌحبا

***

وتنشدُ من عالي المَجرٌَة مَربعاً
– على مِقَةٍ – لا تَرتَضِي غَيرَها حبا

***

ولكنٌَما الأيامُ شتٌَى حَبائلٍ
اذا ماخَبَت حربُُ لها أشعلَت حربا

***

ولو آذنَ الدٌَهرُ الخؤونُ لكنتَ في
سَماواتهِ الفردَ المرزٌَأ والقطبا

***

يمدٌُك قلبُُ كالجرازِ نِصَالُه
وعقلُُ على دَركٍ الحَقائقِ قد شَبٌَا

***

وعلمُُ كَتيٌَارِ العباب مُزَمجِراً
تمورُ أعالِيهِ جواهرَ أو كتبا

***

وأعجَمَتِ الأيامُ عودَك فاستوى
برغمِ العوادي سَيٌّدِي صَارِماً عَضبا

***

و أطلعك القرآنُ في سُبُحاتِه
حُسَاماً يمانياً، وضَيغمةً ضَربا

***

حَملتَ لِواءَ الحقٌّ سيفاً مهنٌَداََ
وسقت على مضماره الشزٌَبَ القُبٌَا

***

كأنٌك من عَصرِ الصٌحاب وجيلهِم
أجل، كم رأينا بعد أعصارِهم صَحبا

***

أطلٌَوا على الدنيا نجوماً فاشرقت
بهم، وسَموا عنها بأخلاقِهم غُلبا

***

فما عرفوا منها سوى مفرقِ العلى
وإلا العوَالي كالبوارقِ والقُضبا

***

وإلاٌ مَحاريبَ المساجدِ صَبوةً
وإلا ظلامَ الليٌَل في سَيرِهم قُربى

***

سروا يخبطون الدهرَ شُعثاً صَوادِياً
بهاليلَ لا يدرونَ الا الهُدى إربا

***

تَمُور بِهِم آيُ الكتابِ وتَنثَني
مع الملإ الأعلى بموكِبِهم حُبٌا

***

يَخالُهم من ليسَ يَدرِي بأمرِهِم
نشاوى ، كأنْ باتوا على قَرقَفٍ شُربا

***

ولكنٌٌما الأنوارُ تفضَحُ سِرٌَهُم
وتكشِفُ ما وارى الفؤادُ وما خبٌى

***

وتتقد النٌّيرانُ بين جُنُوبِهم
وهم ينهبونَ الليٌلَ في سَيرِهِم نَهبا

***

فلستَ ترى إلا الدٌَموعَ جَوَارِياً
لأذقانِهم حتٌَى لتحسَبُها سُحبا

***

كأنٌَ اللٌَظى منهم بقلبٍ وقالبٍ
وما اجترحوا إثما ولا اقترفوا ذَنبا

***

كأنٌهم من خوف ربهم على
لظىً ، أو كأنٌ النارَ أحرَقَتِ الجَنبا

***

توشٌَحتِ الأيامُ منهم بانجمٍ
ومن بعدهم قد دمدم الليل أو عَبٌَا

***

وجئت عقيبَ القومِ تخطو خطاهمُ
وتسري بمسراهم ولَوعاً بِهِم صَبٌَا

***

تحث الخطى في ركب كلٌَ مروٌعَ
وكلٌَ قريع إن دعا ذو العلى لَبٌى

***

كمثل الخليليٌ الإمام ، ومن سما
بضَبعِكَ واستَصفاكَ للهِ والعقبى

***

و من كالخليلي الإمام مُحَمدٍ
أجلٌّ الورى فضلاً واعلاهُم كعبا

***

أتى بعد عزٌَانِ بن قيسٍ وسَالمٍ
وسَارَ كما ساروا بها سَيٌّداً قطبا

***

ومُن مثلُ عزٌانِ بنِ قيسٍ وسالمٍ
نجوماً لسارٍ ، قادةً سادةً عُلبا

***

على الكوثرِ المحمود خبٌت ركابهم
إذا ذوالهوى يوما إلى لهوه خَبٌا

***

توالوا على دست الخلافة سادة
عظاما، على نهج النبيين أو شهبا

***

وأعقبَهم ذاك الخليليٌُ كالضٌحى
يسير بركب القوم أعظم به ركبا

***

تفرٌَسَ في جنبيكَ سَورة ماجدٍ
قويٍ اذا ما الخطبُ قد أضرمَ الخطبا

***

فكنت كما خالَ الخليليٌُ صَارماً
صَقيلاً، تروعُ الخطب عن ذاته غَصبا!

***

فلم تُنجبِ الفيحاءُ بعد محمٌدٍ
كمثلك من أشبال أترابه تربا!

***

سلاماً أبي كالعرفِ ضاعَ اريجُه
وكالغَيثِ حَيٌَاهُ الحيا صَيٌّباً صَبٌَا

***

ذكرتُكَ، لا أنٌي نسيتُ ، وإنٌما
ذكرتَ الهدى والسيفَ والطٌعنَ والضٌربا

***

وكيف يكونُ المرءُ إبنَ نِجادِه
وكيف يُجلٌّي الصٌارمُ الموقفَ الصٌعبا

***

وكيف يُساسُ المجدُ أو يُهتدى به
وكيف تَرى الرٌَاياتِ خفٌَاقَةً عُجبا

***

فرَعياً لعهدٍ ما نسيتُ رواءَه
وأنفاسَه الشما وأبرادَه القُشْبا

***

يمورُ بألوانِ السٌرورِ، وينثني
بمثلِ الشٌذى الفوٌاحِ عَرفاً اذا هَبًا

***

شهدتُ به التاريخَ منبلجَ السٌنا
وشاهدتُ منه ما ملأتُ به الكتبا

***

أسامِرُ في ناديكُ كلٌَ مجلٌلٍ
وأسحب فخرا بينهم مئزري سَحبا

***

أشمٌُ شذى العرفانِ تجريهِ كالحيا
وأهتزٌُ للآداب تسكبُها سَكبا

***

وأبصرُ مالم تُبصِرِ العينُ مثلَه
جلالاً، وأجبي منه مالم يكن يُجبَى

***

فيالكَ من دهرٍ مضى بجلالِه
أفانينَ ما كانت وربٌّ العلى كِذبا

***

شهدت الليالي وهي أسطعُ من ضحىً
وشاهدتها من بعدُ عاصفةً غَضبى

***

أبي..هكذا الأيامُ مرٌَتْ سَريعةً
ولم تشفِ قلباً من جراحٍ ولا لُبٌَا

***

ثلاثونَ عاماً قد تقضت مَرُوعةٌ
فيا لفؤأدي ما أشدٌَ وما أصبى

***

يزيدُ التياعاً كلما زادَ سيرُها
فتبٌَاً لنفسي لو نَسِيتُ الهوى تَبٌَا

***

وأنىٌَ ليَ النسيانُ والجرحُ غائرُُ
وذكراك في قلبي تهيج بيَ الحُبٌَا

***

أراكَ إذا ماسرتُ في أيٌّ منهَجٍ
ضياءً ينيرُ النهجَ والسٌُبلَ و الدٌربا

***

وأنت بوضٌَاء الصٌفات تلوح لي
شُعاعاً ، وتأبى غير شهب السما ركبا

***

فيا لليالي كم أثارت مواجعي
على أعصُرٍ هبٌَت بها ريحُها النٌكبا

***

تقضًت وابقت في فؤادي جمرة
تذكرني الأيام والمنزلَ الرٌحبا

***

وأربعَ أصحابي، ومهوى شبيبتي
اذا ما تذكرت الشٌَبيبةَ والصٌَحبا

***

ومنهلَ عرفاني ومجرى أعَنٌَتِي
وملعبَ أترابي الألى سكنوا التٌُربا

***

ومهبطَ اشياخي واقطابِ موطني
ومن بهمُ قد سِرتُ نحوَ العلى وَثْبا

***

مضوا، وادٌّكاري بعدَهم يَبعثُ الأسى
ويُشعِلُ في جَنبيٌَ رغمَ الهدى الرٌُعبا

***

على أنٌَه خلقُ الليالي وشَأنُها
فمن لكَ أن لا تستمرٌَ بهِ دأبا

***

و من لك أن تَجري بغيرِ خلالِها
وكم أهلكت قوماً وكم زلزلت شَعبا!

***

أبي هكذا الأيٌامُ تعبثُ بالفتى
وإن كانَ ليثَ الغابِ والصٌارمَ العَضبا

***

أرتنا من الحالات ما كان خافيا
وباتت تُرينا الصٌدقَ من أمرها كذبا

***

ألم ترَها تُدني اللٌَئيمَ من الذٌرى
وتُقصِي كريمَ الخيم والسيٌدَ النٌَدبا

***

عَدَت بالكرام المُعلَمين ، وفوٌَقَت
على هامهم يا سيدي سَهمَها الغَربا

***

فهل بعدُ من فجرٍ يطلٌُ صباحُه
علينا، ويجلو عن مناهلنا الكربا

***

ويشرق فينا من سناكم منوٌرا
وينفثُ من ناديكم المندلَ الرطبا!

***

عليكم سلامُ الله ما هبٌَتِ الصٌَبا
وما فاح مسكي الختام بكم صَبٌا

17 رجب 1444 هجرية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى