الرداء الأسود
د. عمرو أبو سمرة | نقيب أطباء كفر الشيخ
أوشكنا أن نكمل عاما من أتعس وأشقى الأعوام التي عشناها طوال حياتنا؛ حمل كثيرا من المأسي والأحزان، فقدنا أحبابا وودعنا أهلا وأصدقاءً.
مجهول هذا الذي اقتحم حياتنا فجأة، وألقى فينا الخوف والرعب، وأجبرنا علي ممارسة عادة مقيتة، عادة لايحبها المصريون بحكم عواطفهم وجينات توارثناها أجيالا وهي سياسة التباعد الاجتماعي؛ نحن غير شعوب العالم قاطبة، نحن نعشق التقارب والتواصل ونجد في سهرة تضم الأهل والأصدقاء قمة المتعة. حمدا لله علي كل شيء وندعو الله أن نعود قريبا لسعادتنا وبهجتنا التي افتقدناها في هذا العام الحزين.
وبرغم ارتداء هذا العام اللون الأسود، وبرغم قيام قلة من الانتهازيين وتجار المرض بأفعال زادت من سواد هذا الرداء وتصدير المزيد من المعاناة والشقاء لهذا العام الأسود إلا أن غالبية المصرين بشهامتهم وأصلهم الطيب قد أضافوا نقاطا بيضاء في هذا الرداء.
هذه أطقم طبية تفرغت لمجابهة هذا الوحش الكاسر دون خوف أو وجل في مستشفيات العزل، وهناك فرق طبية تطوعية تكونت لمتابعة وعلاج حالات العزل المنزلي التي لم تجد لها مكانا في المستشفيات، وتلك مجموعات إنسانية تكونت لجمع التبرعات لتوفير ما نقص من مستلزمات دوائية ووقائية من هذا الفيروس القاتل؛ بل وامتد نشاطها لشراء أجهزة طبية غير متوفرة في المستشفيات، في سيمفونية من التواصل الاجتماعي المدهش والرائع؛ فكم رأيت أشخاصا كثرا يقومون بتوفير السلع الغذائية ووجبات الطعام لأسر عديدة أصيبت ربتها بهذا الفيروس اللعين .. فهذه هي مصر يا سادة، وهذا كشف حساب لعام مضى، ندعو الله جميعا أن يزول هذا الوباء ونخلع جميعا هذا الرداء الأسود.