التقاطة

عبد الله الكعبي | سلطنة عمان

وأنا أتأمل الحجر الذي يحمل فيرمى في وجه العدو والطفل الذي شاهدته وعمري تسع سنوات في بيت جدي للمرة الأولى … من جهاز التلفاز ذي البكرة لو تذكرونه … تتقاذف في مخيلتي مشاهد الأسئلة المتصارعة كذئب … أيعقل لهذه الوجوه أن يواريها الثرى… حينما درست فلسطين داري في الصف الثاني الابتدائي كان عمي يحفظها وهو الأمي ويمسك بكفي الناعم ويلوح بي وأنا أرتطم بنسمات الريح الباردة … الحبوه خصيبة تصرخ بوجهنا الله يخسكم… وبنفس العجوز الطيبة تهدأ وتدعو: الله يجعل النصر بيدكم …مرت أربع وثلاثون سنة على دعوتها ويدي اخشوشنت ويد عمي دفنت والمقطوعة الشعرية تلاشت من الصدور والأوراق المدرسية …
في أصابع يدي تنبهت الساعة، لها ففيها تنمل من الطباعة على شاشة الجوال… آه أيتها الأنامل… تبدين لي غاضبة … وأنا أكتب مقطوعة شعرية عن القدس … أستحضر سباب مظفر النواب وأحمد مطر … وأحاول مجاراة عمر أبو ريشة و و و …
يدي هذه المرة رغم خشونتها… تبدو ناعمة في بناء الجمل التي لا محل لها من الإعراب والتي لها محل … أتراني لو قلت عن الشهيد رضي الله عنه سأجر لمساءلات … أتراني يجب علي أن أضع الكلمة مقطعة بدلا من الشهيد أكتب ا ل ش ه ي د كما عملوا مع الصهيوني في مواقع التواصل الاجتماعي… أما عيني التي تأملت الحجر فقد تأملت ذاك اليوم طفلة بريئة وبعينين زرقاوين … أصبحت الآن أما بعينين حمراوين … من فقدها لطفلها ال ش ه ي د …. الآن أنطق حقا، لقد وجدت الكتابة الصادقة لا في الشعر أو النثر… بل على جدار التقطته عدسة سائح أجنبي (وأجزم أنه قد تنبأ به شيخ العربية محمود شاكر في كتابه في الطريق إلى ثقافتنا ) لا تصالح…

تلك هي يا صديقي الالتقاطة الجديدة …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى