ومضات الصاحب الباهرة في حضرة المتميزين والعباهرة (15)
محمد زحايكة | فلسطين
د. عدنان شقير.. شخصية أكاديمية
وتربوية راقية من الصف الأول
باحث وأكاديمي وتربوي ورمز مجتمعي ومحاضر جامعي ومثقف لامع.. إنه البروفسور عدنان شقير الذي عرفه الصاحب في الأيام الخوالي وكان يلتقيه على فترات زمنية متباعدة ويتابع صعود نجمه العلمي والأكاديمي وتبوأه أعلى المناصب العلمية الرفيعة وخاصة في جامعة بيت لحم – عمادة كلية العلوم – وعلاقاته المتينة المدهشة مع الجميع بسبب اتزانه وأخلاقه العالية وتعامله الدمث الراقي بدون تمييز أو نظرة استعلائية ضد أي كان .
ويذكر الصاحب مرة، أنه أجرى معه مقابلة صحفية نشرت في جريدة الفجر المقدسية منذ زمن بعيد عن الفائدة الغذائية للفلافل.. تلك الأكلة الشعبية الرائجة في فلسطين والتي يحاول ” الخواجا شلومو ” السطو عليها وتسجيلها ضمن قائمة تراثه المزعوم و المشكوك فيه.. وقد أثارت المقابلة فضول الكثيرين ، نظرا لطرافة وغرابة تناول مثل هكذا مواضيع خفيفة ولطيفة آنذاك.
وكان الصاحب في بعض الأحيان يصادف د. عدنان شقير، هنا وهناك، مشاركا بكل حيوية ونشاط في فعاليات علمية وبحثية ومجتمعية في عديد من المؤسسات، حيث يبدي الصاحب استغرابه، كيف كان يوفق بين هذا الكم من النشاطات والفعاليات، أو كيف يجد الوقت الكافي لحمل بطيخات متعددة في يد واحدة؟ ولكنه أثبت قدرة وتفوقا وتميزا في جميع هذه المؤسسات والمحافل المحلية والدولية بمشاركاته وإسهاماته البحثية العلمية الكثيرة المرتكزة على حقائق ومعطيات موثقة ومدعمة بالأدلة والبراهين، وهو ما أكدته سيرته الذاتية في كتابه المدهش “رحلة في ذاكرة الزمن” الصادر عام 2019 .. هذا الكتاب الذي يفيض بالشغف والمصداقية العالية في رسم حدود شخصيته ورحلته الزاخرة والثرية والشمولية مع ذاكرة الزمن، بكل دقة وأمانة علمية وتواضع العلماء.
وفي المجالس المحلية في بلدة جبل المكبر والسواحرة التي نشا وترعرع فيها هذا الباحث والمحاضر الأكاديمي الرائد والمتميز ، كنت أسمع ما يردده البعض على مسامعي عن فوائد الزواج المختلط أو تغريب النكاح حيث كان يشار على وجه الخصوص إلى حالة د. عدنان شقير والكاتب الكبير محمود شقير وآخرين أظن من بينهم كذلك جميل مطر شقيرات الموظف البارز في مستشفى المقاصد على اعتبار أن ثلاثتهم أنجبتهم أمهات من عائلة الصاحب الممتدة في إشارة إلى تشجيع ظاهرة تغريب النكاح التي يقال إنها تسهم في تحسين النسل.
وكان الصاحب يطرب ويشعر بالزهو لهذه القامات الإبداعية التي يتردد ذكرها في البلدة وعلى مستوى الوطن بما قدمته وتقدمه من إثراء للحياة الثقافية والأكاديمية والتربوية والفكرية.
وتمر الأيام، وتحمل لنا الأخبار مآساة شخصية لـ د. عدنان برحيل ابنه الوحيد بين ثلاث أخوات شهيد العلم نسيم عدنان شقير ، على أرض الولايات المتحدة الأمريكية في يوم 27-3-2010 الأسود الحزين ، وتصيب هذه الفاجعة الجميع بالحزن والذهول والتأثر الشديد على شاب يافع كالنسيم العليل كان في انتظاره مستقبل علمي باهر، ولكن لا اعتراض على قدر الله، ويتحامل الأب المكلوم على نفسه ويصارع الزمن ويصابر النفس للخروج من هذه المحنة بالمساهمة في منحة دراسية على اسم فلذة كبده الراحل حتى تبقى ذكراه مشعة خالدة في النفوس على مر السنين.
د. عدنان شقير .. شخصية أكاديمية تربوية فذة متعددة الاهتمامات.. جادة ، تعمل على إنجاز أعمالها ومسؤولياتها بإتقان شديد وتحمل في قلبها أجمل المشاعر تجاه الآخرين.
شخصية لطيفة ودودة تجيد لغة الابتسام والتعامل مع الآخرين بحب واحترام، وتنخرط وتساهم في الخدمة العامة دون انتظار مقابل.
وأهم سماتها التواضع وعدم التفاخر والحديث بلا طعمة شخصية راقية ونادرة في زمن بات فيه النقاء والإخلاص يكاد يكون عملة نادرة.
أطال الله في عمر د. عدنان شقير ، وأبقاه ذخرا لوطنه وشعبه ونحو المزيد من العطاء المثير .