بين حُمّى البحر ونافذة الندى

سليمان دغش | فلسطين

 

لَكِ أَن تَمُدّي إِصبَعيْكِ إِشارَةً للنَّصر فَوْقَ ضَريحِهِ

يَكْفيهِ أَو يَكْفيكِ أَنَّهُ فيكِ حَيٌّ رَغْمَ أَنْفِ المَوتِ

لا ريحٌ سَتأْخُذُهُ لِغُربةِ روحِهِ في طينِ آدَمَ

كانَ يَبحَثُ عَنكِ في مرآةِ نَفسِهِ

لَمْ يُصدِّقْ ظاهِرً المرآةِ

فالمرآةُ أَكذَبُ مِنْ سَرابِ يَقينهِ الدَّمَويِّ في صَحراءِ هاجَرَ

يَومَ أَنْ وَلَدتهُ في كوفِيَّةٍ مِنْ روحِها وَرياحِها

نَذَرَتْهُ للرؤيا فَعذَّبَهُ اليَقينُ

لَكِ أَنْ تَمُدِّي إصبَعَيْكِ إِلى السَّماءِ

مَنارةً تَهذي بِحُمّى البَحرِ في غَبَشِ المَدى

لا شَيءَ في بالِ النَّوارسِ غَير ذاكرةِ النَّدى

فافتَحْ لها يا بَحْرُ بابَ السرِّ

كَيْ تَأْوي إِلَيْكَ وَتَطمَئِنَّ عَلى مَهاجِعِها

التي انتَظَرَتْ هُناكَ فَكادَ يقتُلُها

ويَقتُلُنا ويقتُلُكَ الحَنينُ

لَكِ أَنْ تَمُدّي إصبَعَيْكِ إشارةً للنَّصرِ فَوقَ ضَريحِهِ

فالمَوتُ أَصْغَرُ مِنْ شَهادَتِهِ التي ارتَفَعَتْ

كَمِئْذَنةِ القِيامةِ في صَلاةِ الفَجْرِ مُدّي إصبَعَيْكِ

إِلى جَبينِ الشَّمسِ يَنْكَسِف الجَبينُ !!

هِيَ حِكْمَةُ المَوتِ القديمَةُ

إِنَّما يَسْتَيْقظُ الشُّهَداءُ مِثلَ شَقائِقِ النُّعمانِ

عِنْدَ الفَجْرِ يَغتَسِلونَ بالدَّمِ ِ في مَخاضِ الأَرضِ

مُدّي إصبَعَيْكِ كبَرقَتيْنِ وطَلقَتيْنِ

لَسَوفَ ينفَطِرُ الجَنينُ..

لَكِ أَنْ تَمُدّي إصبَعَيْكِ إشارةً للنَّصرِ

فالأَقمارُ تَرْصُدُ مَوتَنا في كُلِّ زاويَةٍ

وَتَحْتَرفُ الإثارَةَ في رِهانِ الدمِّ

لا تُخْفي دُموعَكِ إِنَّها مَطَرُ الحَقيقَةِ في ضَبابِ الموتِ

يَنْدى الصَّخْرُ تَحْتَ رَذاذِهِ الصَّيْفيِّ إِنْ سَقَطَ الرَّذاذُ

يَئِنُّ تَحْتَ لهيبِهِ وَيَلينُ

أَيُّ حَقيقَةٍ أَجْلى مِنَ الدَّمعِ المُقدَّسِ في مَرايا العَيْنِ؟

ظِلُّ الوَحْيِ مُرْتَبِكٌ عَلى عَينيْكِ

كَمْ وَحْيٍ سَتَذْبَحُهُ بِخِنْجَرها العُيونُ ؟!

لَكِ أَنْ تَمُدّي إصبَعَيْكِ إشارَةً للنَّصرِ فَوْقَ ضَريحِهِ

يَكْفيهِ أنَّكِ فيهِ

أَوْ يَكْفيكِ أَنَّهُ فيكِ رَغْمَ الموتِ

لا ريحٌ سَتَأْخُذُهُ بَعيدا عَنْ هَواجِسِ قَلبِهِ المَحْمومِ

في أفُقٍ رَمى للبَحرِ نافِذَةَ النَّدى

ما أَضْيَقَ الأُفُقَ الذي لا يَفْتَحُ الشُبّاكَ للرؤيا

لِكَيْ تَلِدَ المَدى !

هُوَ في يَدَيْكِ الآنَ حَيٌّ في ثِيابِ النومِ

مَنْ وَهَبَ الزَّنابِقَ لونَ هذا الدمِّ؟

مَنْ رَفَعَ المَسيحَ عَلى صَليبِ الوَهْمِ؟

أَيُّ قِيامَةٍ وَهَبَت يَدَيْكِ حِجارَةَ السجّيلِ؟

مُدّي إِصبَعَيكِ إذَنْ

لِتنتَصِرَ السُّنونو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى