تهويمات في الساعة الهامدة من الليل .. في هَدأَةِ الغلسِ

فايز حميدي | شاعر وكاتب فلسطيني مغترب

-١-
حِينَما تَغرقُ في مُقلتيكِ مُقلتيا
أَخطو على سجادةٍ من الغيمِ
يَتَدلى اليَاسمِينُ من شُرفاتِها
وَتصبحُ عينيكِ نَبيذي
وَأهدابكِ شِراعي
وَصوتُكِ غِطَائي
مُتّرعٌ بالدهشةِ الأسيرةِ
يَا مُهرةٌ مِنَ المسكِ
في عينيكِ غاباتٍ وخمائلٍ ومروجٍ وَينابيع
وَتأخُذني أمواجُ عشقكِ بملءَ روحي
وَأغّسلُ بِملحِها شُجوني
وَتَصيري صَبية زهرة البَنفسجِ
وَيَسكرُ خَافقي المُعطرُ بالهيامِ
وَيرفرفُ كالفرَاشِ المُلون مُنتَشيا
نَاشراً ضوعاً شذيّا
صاغياً لأَجراسِ البَهاء
وَيرقصُ الشُوقُ على وجنتيكِ
رائحةَ عُشبٍ وَحنين
ويَضىءُ الليلُ
والعَالمُ مَرجٌ فَسيح
وَتَغرقُ وِسَادتي بِمساكبِ الوردِ
وَتجْتاحُني هَمسَاتُكِ نَرجساً وَجداول
فَتُسقي مُزُنك يَباسي
وَيتوقدُ قَلبيَ المُطفأُ بِالحَنين
وَتَفتحُ الورودُ أكمَامِها
يَا زَهرةَ الُرمانِ
يَا وَردةَ نِيسانِ
يَا خَدّ من النرجسِ
وَشِفاهٌ من جلنارِ
يَا رائِحة البُنِ
والهالِ العابقِ
يَتكاثفُ النَّدى على أهدابكِ
وَيأخُذُني عُطر أنفاسكِ إلى الربيعِ
-٢-
يا امرأة :
طاعنٌ حُضورُكِ
يا جَسداً أَينَعَ بِذهبِ السَنابلِ
يَفتحُ أوراقهُ وَيستنطِقُ الحُلم
أنهضُ نَحوكِ
قلبِيَ بَحارٌ
وَأُسافرُ تحتَ راية البراعمِ
أُسافِرُ في عينيكِ الدَافِئتينِ
بِزورقٌ حَزين
أَضمّهُ إلى صدريِ
وَأحكي لَهُ حِكايةَ جَمر السنينِ
يا أنّةَ الريح الشّجية
هذهِ البِلاد تَجهلُني
ثَلجُها وَطيورُها وَظلامُ ليَلها
وَغَاباتُها وَغُزلانُها وَصقيعُها القَاتل
أنا الغامضُ الأليف
يا بلادَ الكآبةِ
هل أَضعّنا طريقَ الرُجوعِ
لِبلادٍ تَرَكتْ نِسغها كَلاما
يا أنّةَ الريِح الشجيةِ
لِبلاد الذّاكرةِ العَريقةِ
لِبلاد الحنّونَ والياسَمين
ولِصخرةِ “اذكُريني” على كتفِ بردى
لِرائِحةِ النساء المُغلفاتِ
بِأوراقِ الغارِ
وَزهرِ الزَيزفونِ
والحُزن الجَميل
لِدروبٍ تَفيأتُ في ظلالهاِ
مملوءةُ الجباهِ
لِبيوتٍ نَقلتُ بَعضٍ من تُرابها
في ضياعي
يَا مَسافة مَزروعة بالحُلمِ وَذاكرة الشجرِ
أَتْعبني وَجيبي
يَا أزمنة الليلِ
الغُبارُ يُغطي الفصول
يَا جَمرة الزمن اليابسِ
آهٍ .. يَا زمنَ الشَوارعِ المَسمومة
يَا زمن الغبارِ
يَا أوشِحة الظلامِ
يَا زمنِ مَوتِ حِكايةِ قوسِ قزح ..
….
(القدس الموحدة عاصمة فلسطين الأبدية )

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى