قلمٌ يتنفَّس حبَّاً.. نمر سعدي، قلم يرفرف بأجنحة الأساطير
جمانا سمير العتبة | قاصَّة من فلسطين
“إقرأ لنفسك… ضع نرجسيتك الجريحة جانبا.. واقرأ لنفسك أولا / خذ ما تشاء من الحنين أو الغموض.. ودع لآدم كل تفاحاته” ديوان “تقاسيم على مقام الندم” للقلم المبدع نمر سعدي، قلم يرفرف بأجنحة الأساطير.. يأخذك معه في رحلة للحرية والعشق.. إنه قلم الشاعر الفلسطيني نمر سعدي، قلم له رؤية رائعة.. فهو يعمل على جعل القارئ يصل للنقطة البيضاء التي بحث عنها في سواد واقعه.. قلم يخرج الفكرة من الأنقاض.. يزرع على القبر شجرة.. فيغدو للعظام وقعٌ وثمار.. في كلماته يرصد العشق للمرأة فيضعها في مكانتها المجتمعية التي غابت من عقود. فالمرأة في كلماته هي الأنثى وهي الوطن وهي مع البعث ستبقى منبع الحرية والجمال، “من يُفهم الآخرين بأنَّ الغصون التي تتشابكُ في الميجنا / وبقايا الطلول / لغاتٌ حريرية يتعانق فيها الندى بالصدى القرمزي / وأغنيةٌ بالأصابع؟ من يُفهم الحالمين بأن القصائد طينٌ لأقدام من عبروا من هنا؟” هذه السطور ليست من خط قلمي .. بل هي كلمات من “قصيدة عن ليل المعنى” سطرها الكاتب ليشعل شمعة أطفأها القارئ منذ زمن.. يشغلنا الواقع، والشاعر قد امتطى حصان طروادة ليغزو واقعنا علَّه يغيِّر البوصلة ويوجهها حيث يتجه القلب دائما.. وهل هناك أجمل من جملته “ستصبح حرَّا إذا ما استطعت التخلي عن الأمس”. قلم يستنشق عبق الفكرة ويتنفس ليخطَّ لنا الكلمات. اخترت لكم بعضا من كلمات الشاعر الرائعة من ديوان “تقاسيم على مقام الندم” من قصيدة “تسائل عاشقة نفسها”.. “ستنقصه لغةٌ في الأصابع كيما يفسر ما فيهِ من قلق عاشق” من قصيدة “من أورثني سواهُ هذا الشغف؟”. هذا الطائر الشاعر كل لحظة يطلع من منحوتة فضية لامرأة عاشقة في متحف الفنون أو ينسلُّ من ركام فكرة عن الحبِّ، ومن حطام ألواح الوصايا العشر أو من دمعة السماء.. من قصيدة “امرأة”.. “وحدها امرأةٌ في القصيدة تحمل في يدها كوكباً لليمام / وخبزاً لفصل الربيع / وفي قلبها قمراً من غناء / وحدها امرأةٌ في الحنين العموميِّ.. لا كالنساء”.. ومن قصيدة “دومينو في الأحلام”.. “ولا أحتاج لأكثر من لغة أتماهى في ألوان جسدها / أو أسند رأسي في الليل على نعناع يديها / لا أحتاج لأنسى أو لأحبَّ لأكثر من خمسِ دقائق / أجمعها وأفرقها كالدومينو في الأحلام. وحملتني قصيدة “أنشودة أدويسيوس” على أجنحة الموج والحلم.. “من أنا لأربي الصدى في جرار من الطين أو في المحار؟ / لأبصر صوتي وأنسى وأحفظ عن ظهر قلب طريق الحنين؟” وفي قصيدة “لا تجرح امرأة” يتماهى مع ظلال المرأة الأبدية.. “فلم يزل أيار يسكن في خيالات النساء وفي قصائدهنَّ / لكن لم أجد أيار حين صحوتُ من حلم الحياة ولم أجد أنثاي”. يبدو لي الشاعر نمر سعدي في هذا المقطع من احدى قصائدي وكأنه تقمَّص دور المخاطب فيها.. “إن رؤياك أوسعُ من حلم / والعبارة أضيقُ من قبلة تتسكع في ليل معناكَ / تشعلها امرأتان / ويطفئها الذئب”.
نمر سعدي شاعر من فلسطين، صدرَت له الدواوين الشعرية التالية:
- عذابات وضَّاح آخر 2005 مطبعة فينوس/ الناصرة
- موسيقى مرئية 2008 منشورات مجلة مواقف/ الناصرة
- كأني سواي 2009 ( ديوان في ثلاثة أبواب ) منشورات دائرة الثقافة العربية / دار نشر الوادي / حيفا
- يوتوبيا أنثى 2010 منشورات مركز أوغاريت للترجمة والنشر / رام الله
- ماء معذَّب 2011 منشورات مجلة مواقف / الناصرة
- وقتٌ لأنسنةِ الذئب 2014 دار النسيم للنشر والتوزيع/ القاهرة
- تشبكُ شَعرها بيمامةٍ عطشى 2015 دار النسيم للنشر والتوزيع / القاهرة
- وصايا العاشق 2015 دار النسيم للنشر والتوزيع / القاهرة
- موسيقى مرئية / طبعة ثانية / 2015 / دار سؤال/ بيروت / لبنان
- رمادُ الغواية 2017 دار الانتشار العربي / لبنان / ونادي الباحة الأدبي / المملكة العربيَّة السعوديَّة
- استعارات جسديَّة 2018 دار العماد للنشر والتوزيع ومركز عماد قطري للإبداع والتنمية الثقافية / جمهوريَّة مصر العربية
- “تقاسيم على مقامات الندم” دار روافد، القاهرة 2018
- غبارُ الوردة (نثر) / 2019 / روافد للنشر والتوزيع / القاهرة / مصر
- كحلُ الفراشة (نثر) / 2019 / روافد للنشر والتوزيع / القاهرة / مصر
- كما صدر في مطلع عام 2019 عن دار “روافد للنشر والتوزيع” في القاهرة / مصر كتاب نقدي بعنوان (ذاكرة لازوردية) “قراءات وشهادات في تجربة نمر سعدي الشعريَّة” لمجموعة من المؤلفين.