ميمية الشوق
مختار إسماعيل محمد | مصر
أرح جفونكَ كم عانيت من سقمِ
وكم جفاك هواً بالعشق لم يدم
///
دعوت نفسي كثيرا وهي حائرة
يا نفس قد ذلّت الهامات بالقدم
///
وكنت اعلم مُذ غابت معذبتي
كم ذا تغيَّبَ هذا الجسم منه دمي
///
وكم تَصَارَعَ موجي نحو شاطئها
وكم وجدتك بدراً لاح في الظلم
///
خبَّأتُ سركِ والأسرار قاتلة
فرحتُ أشكو مرار السهد والألم
///
وضِعْتُ في قبلتي والقلب يسكنها
حتى انسكبتُ وسرِّي فيكِ مقتسمي
///
أتيت بابك والأبواب موصدةٌ
فرحت أطرق باباً غير مقتحم
///
فردني من ذنوبي ما وقفت به
إلا حبيباً علا من سادة الأمم
///
هو النبي الذي زكاه خالقه
فكان أفضل خلق الله كلهم
///
هو المُكَمَّلُ لا في الخلق يدركه
وصف من القول او رسم من القلم
///
محمدٌ احمدُ الماحي بحكمته
الحاشر العاقب المذكور من قدم
///
محمدٌ صفوة العباد أولهم
وقبلة الناس والداعي الى القيم
///
محمدٌ أطهر النساك أعبدهم
وسيد الخلق والوصَّال للرحم
///
فصاحة القول ابداعٌ وتزكيةٌ
وفي البلاغة نبراسٌ كما العلم
///
وللمكارم والأخلاق ليس له
ندٌ يُقَارَن من عُربٍ ولا عجم
///
أتى الحياة فهبَّتْ من رُقادتها
وأزهرت للورى ورداً ولم تنم
///
وهل تنام وأحمد فوق هامتها
وفي العيون وفي الأرواح والنظم
///
وقد حواها فكانت تحت عصمته
فانبتت قبلة تُحيي من العدم
///
نورْ من الله قد أهداه من خُلقِ
دون البرية لم يشقى ولم يُضم
///
يحاور الروح والأفكار جامدةٌ
فيخلع الشرك من تعويذة الصنم
///
يجاهد النفس والشيطانُ يدفعها
فتستنير به في هُوَّة العتم
///
والنفس ان ترعها في الله كان لها
وان تذقها هوان الذنب تنهزم
///
والقلب في شغلٍ ان عاش غفلته
والروح من هدمٍ تسري الى هدم
///
فاحفظ جوارح قد مُلِّكتها سلفاً
ولا تُولِّي عليها عُصبة النِقم
///
واجعل بك الله نصب العين تُدركه
حتى تفوز بها الجنات والنعم
///
كل الخلائق في بدءٍ وخاتمةٍ
إلا رسول الهدى من غير مُختَتَم
///
أما البداية كم ألقت بشائرها
وكم تهادى من العلياء كالدِّيم
///
أحيى البرية ميلادٌ لذي شرف
وهل سواك رسول الله من عظم
///
واهتز كسرى بفرسٍ في جلالته
وانفضّت النار بعد لهيبها الضرم
///
وغيض ساوةُ والأصنام هاوية
على الوجوه وكان الكل في وجم
///
واهتزت الأرض والأجواء راقصةً
والشمس والبدر في سعد وفي زخم
///
حتى الملاءك في فرحٍ وفي سعة
وفي احتفالٍ مهيبٍ غير مُقتَحم
///
وراح بالغار ما بالغار من ترفٍ
لكنه أعجز الإعلام بالكلم
///
وجاء جبريل والآيات في يده
طوق النجاة وحبل الله فاعتصم
///
اقرأ محمد غاب الكون في عتهٍ
وظل يرتع في الأوهام والظُلَم
///
فردٌ بدا واحداً يدعو لواحده
فصار غيثا لنا ينجي من الغشم
///
وجاء يعدل ما في القلب من عوجٍ
و راح يمسح ما في العين من سجم
///
ما استل سيفاً لغير الله ما اقتحمت
عيناه ستراً ولا شيئاً من النعم
///
أعيى البرية في وصفٍ وفي صفةٍ
فما أقاموا له وصفا من العدم
///
فما استزادت سوى خيرا قصائدهم
بذكر أفضل مبعوث ومحتكم
///
عذرا لمدحي فيك ما صعدت به
إلا كمن صعدت عيناه للنُجُم
///
فلا الحروف ستكفي وصف طلعته
ولو تهادت لنا من عارفٍ فهم
///
ولا القوافي ولا الاشعار قاطبة
ولو تغنوا بها في ساحة الحرم
///
كم ذا تغنى بك العشاق وابتهلوا
وأنشدوك وقالوا النهج فالتزم
///
وسرتُ فيهم ومنهم بل وسابقهم
إليك عشقا ًيداري في الهوى نهمي
///
وكم تعجب فكري كيف هام به
وما تَجَسَّد في العينين والرَّسَم
///
رمى الحبيب محباً فاستقر به
وراح يسأل كل الناس كيف رُمي
///
فصار يسري كضوء الشمس إذ خرجت
تعلو فتذهب بالأسحار والدَّهَم
///
وصارت النفس من ذكر النبي جلل
تلقيه من أُطُمٍ عالٍ. الى أطُم
///
وكان أمري فقيرا لا حياة به
حتى أتى ذكره فازدان بالتمم
///
إذا ألَمَّتْ بك الدنيا وعارضها
وناطحتك جبال الهم بالهمم
///
وامتد حزنك واشتدت براثنه
وراح يهتك ستر القلب كالنقم
///
وراودتك ذنوب عن غوايتها
واوردتك حتوف النار فاغتنم
///
حب النبي وحب الآل قاطبة
مع الصحابة والأخيار والقمم
///
واجعل صلاتك أنفاسا تعددها
على النبي وال البيت واستدم
///
فيها النجاة وفيها مبتغى فرج
وطاعة الله والجنات بالنعم
///
اسرى بك الله كي ترقى لغايته
حتى يريك من الآيات والُّلحم
///
كان الامام وكل الأنبياء له
عهدٌ ووعدٌ وتصديقٌ له يدم
///
أنت النبي وأنت المصطفى شرفاً
وأنت أنت رفيع القدر والشيم
///
أُذيت فعلا وقولا فابتسمت لهم
ورحت تدعو لقومك غير منتقم
///
آخيت بين جميع الخلق فاندثرت
كل المفاخر اذ غارت ولم تقم
///
يا سيدي المصطفى ان اللقا أمل
فإن تجود به ننجو من الغمم
///
نشكو إليك نفوسا ذلَّ خافقها
وخالفت سنةً فينا فلم تقم
///
ما بالها أسلمت للكفر رايتها
وناصرت عصبةَ الكفار في غشم
///
حتى تداعت علينا عنوة أمم
كانت تسمى قديماً أجهل الأمم
///
قد أغرقونا بميراثٍ لهم فربت
فينا الفواحش بالآثام بالنقم
///
يوما نعود الى الرايات نحملها
نوزع الماء ان شئنا لكل ظمي
///
هلا نعود الى القرآن في شغف
دستورنا الغر كي ننقى من اللمم
///
اني احبك حبا لست اعرفه
لكنه امتد من رأسي إلى قدمي
///
صَل وسلم وبارك ربُّنا ابدا
على النبي وداوم ذكره بفمي
///
واجعل صلاتي على المبعوث دائمة
ان كنت في شغل او كنت في عدم
///
واجمع بِنَا زمرة حول النبي شرفا
فذاك منا المنى يا واسع الكرم