أطوف حول كعبة نبضك
عبير محمد | (يمامة النيل) – مصر
أبي: (أربعون شمسا يا حارس الصباح، لم تشرق بعدك ولم ترنو النجوم لدربي، ولا الغيمات أرسلت برياح الرحمة، فأنت كنت سرهما يا عطر روحي، و يا سيد قلبي فعلى روحك الطاهرة، فيض من الحب وكل السلام)
إنها النهاية .. سرقتك من كل الطرقات الوعرة
ورحلتْ بك
بين الغيمات والضوء
يا أنت
ياسرُّ من قبس الخلود
فحيث أنت تكتمل القصيدة..
أبي
سأظل ألملم تفاصيلك وتواريخك المجللة بالطيبة
فأنثرها أحرفاً شائكة
يا من كنتَ صراطاً لا يميل
ترنُ إليه النجوم
يمكنني الآن الكتابة عنك
فأنا أعرف الطريق إلى قلبك جيدا
أعلم مواقيت الحنين
وصراخ اللهفة المكتوم
رائحتك الفواحة بالرياحين
فنجان قهوتك
المعتق بالهيل والقرنفل
خيبات الحكايات
المترفة بالضياع
عندما تتساقط فجأة
بدون وداع ومدامعي
تنساب جمراً
فوق الخدود
تنعيك يا سيد روحي
فبعدك حتى اللغة
تفقد صوتها
ووهج عطرها
وبَعدك …
لن تنير دربي
غير مصابيح لقيطة
يامن كنت حارسا للصباح
فلا تشرق الشمس
إلا على شرفتك العالية
بتغاريد طهرك
امنحني دفء الحياة
لأحبو طفلةً
إلى حضن شعاعك
تحلّق بي أجنحتك
في فضاء جنانك
لتعانق روحي الحزينة
ضحكتك الأخيرة
لن أصوم أبداً عن هواك
وسأبقى أطوف حول كعبة نبضك
فأنا كنت قضيتك المنسية
الاستثناء الوحيد لكل الأسئلة المعقدة
مازالت النوارس تحكي أمنيتي
أن أبني عشا فوق غصنك تتدفق إليه أنهار حبك
لتروي عطش السنوات القاحلة
قبل الطوفان القادم
ولكن الآن بعد أربعين ضوءًا
تحررتَ من عالم الظلمات
وسافرتَ إلى ملكوت الضياء
وتركتني
وردةً معلَّقة بشاهدة قبرك
تبعثر أوراقها
مخالبُ الأحباب
فتتصدع أركان وجودي
على شفاه الهاوية
في بئر فجيعتي بك
ويعلو في صمت غيابك
نشيج نحيبي ..
آه يا أبتي
لماذا لم تقاوم تلك النهاية
من أجلي
أبي كيف نعيد الوصل
يا ليتك تسمع صدى روحي الآن
أبحث عنك كل آن في تخوم السماء
أما تدري
أن حروف نبضك
هي أطفال
قصائدي المدللة
كم متعبة أنا
ممن نقضوا عهدك
ولم يحملوا أمانتك
معمدة بأرتال حزني واشتياقي الدائم إليك
بعدك لا غير الله
من ملاذ
يمسِّد جراح وحشتي
بيدَي رحمته
كلما عصفت بي متاهات وحدتي
وأنا عالقة في حناجر الأيام
بوجعي القديم وتعثر قوافلي
بذاكرتي الممتلئة بأطيافك أبت
ولسوف تنام هنا في بيداء روحي
ياقمح قلبي وسنابل أحلامي
أظل لذكراك الأوفى
حتى قيامتي
في فردوس عينيك
وتتحد أرواحنا
بدهر عناق
فأنت نبع الحب
و فيض السلام