ليلة شتوية
عبد الغني المخلافي | اليمن
بدت هذه الليلة أقدامي خفيفة ورشيقة كأقدام عداء كيني. انطلقت كالرمح فوق اسفلت الشارع المتضور من البرد.
قد لا يناسب هذا التشبيه كاتباً حداثياً .
-لا يهمني الآن. أسرعت بوزن لا يمكنه إعاقة حركتي في مثل هذه الحالة. يصفني البعض بالخفيف عند المشي. والسبب فيما مضى أنني كنت رياضياً وبالأصح لاعب كرة قدم وعاشقاً لها إلى حد كراهية ذهابي إلى المدرسة. ماالذي جعلني أتخذ بحديثي المنحى هذا، وأخرج عن موضوعي وفكرتي الرئيسية التي أنا بصدد كتابتها وأتشتت بعيداً .
– لا بأس إن عرجت على بعض أحداث جرت لي في السابق. أنا شخص لديه من الحكايات ما يجعله يؤلف الكثير من السرديات . دوما ما أؤجل مثل هذه الكتابات . أخشى ألا يسعفني العمر وتقطع فجائية الموت مشاريعي الأدبية -إلى متى؟.المفروض أن يكون لي عملًا روائيًا أو أكثر. هكذا يقول صديقي الشاعر المقرب: لماذا لا تستثمر مخزونك الحياتي المتنوع، وتحيله إلى نصوص سردية ؟.أنت مليء بالقصص ومسكون بماضٍ حافلٍ بالأحداث والمغامرات. من الظلم والخسارة الكبيرة ألا يتحول هذا المخزون إلى أعمال سردية. على الأقل و لو جزء منه .مثل كتابة تجربتك الغرامية.آه لو تستطيع كتابتها، كما تسردها في بعض الأحيان على مسامعي .ربما صارت رواية عظيمة. قد تحصد الكثير من الجوائز بها وتحقق شهرة واسعة. يالحظ تلك الدار التي ستقوم بنشرها. ستكون دارًا محظوظة بلا شك. لماذا لا تبدأ بكتابتها؟. لك ثلاث مجموعات شعرية . يفترض أن يكون في مسيرتك الأدبية أكثر من رواية. برأيي أن تتوقف تماما عن كتابة ما يسمى قصيدة النثر. وتصب جل اهتمامك في السرد. أراك سارداً أكثر من كونك شاعراً .أعرف أنك تهاب وتخاف مثل هذه التجارب الإبداعية، وتخشى جداً آراء القراء فيها . ما إن تبدأ الكتابة ستجد نفسك قد كتبت مالا كنت تتوقعه. فقط يتطلب منك المبادرة وعدم التأجيل . قد لا تسعفك ظروفك أو صحتك ما أدراك ما القادم. عليك استغلال عزلتك . قبل عودتك إلى الوطن وانشغالك بأمور حياتية وأسرية لن تمكنك من كتابة نص واحد. مثلما كتبت دواوينك الثلاثة في الغربة. يمكنك كتابة كل ما مررت به منذ فجر طفولتك ..
أعرف أن الكتابة منهكة وليست مثلما يتصورها البعض. إذا أردت كتابة شيءٍ جميلٍ ومختلف.
سواء من حيث الموضوع أو من حيث السرد والصياغة.في البداية لا تلتفت إلى عناصره . فقط انثر كل ما في جعبتك. ثم عُدْ وضع فيه خبرتك الفنية.ستجد قلمك أنجز مالم يكن بحسبانك .