مقابلة تلفزيونية مع الشيطان (قصة)
صلاح عويسات | فلسطين
هكذا تكرر الإعلان الملفت للنظر، حل وقت اللقاء، اقترح رب اﻷسرة على أبنائه وزوجته الذهاب للنوم، لئلا يصيبهم الخوف والهلع، توسلوا إليه كي يشاهدوا المقابلة، صرخ اﻷب غاضبا ذنبكم على جنبكم، بدأت مقدمة البرنامج تتحدث عن ضيفها قائلة ضيفنا اليوم ضليع في الفتنة يثير الشهوات بتصرفاته، يضل الناس عن جادة الصواب، يتربص للإنسان لحرفه عن الصراط المستقيم و…
بدأت الكاميرا التلفزيونية تتحرك لإظهار الضيف، اختلطت المشاعر ببن الخوف والفضول، بدأ التصوير من اﻷسفل، توقع الجميع أن تكون أقدام الضيف كأقدام الكلب مخالب يغطيها الشعر…ظهر حذاء بني لامع مع جرابات بلونه، اندهش الجميع ربما هذا ليس الضيف…أكيد أخطأ المصور ،لكن الكاميرا واصلت الزحف البطيء إلى أعلى، ظهر بنطال أسود ثم قميص أبيض ناصع البياض تعلوه ربطة عنق خمرية، لم يبق إلا الوجه، غطت اﻷم وجهها بيديها وأمرت أبناءها بذلك، على اعتبار أن الوجه هو اﻷكثر بشاعة، أحمر كلون الدم أذنان كبيرتان مثلثتا الشكل، يعلوهما قرنان وعينان تقدحان الشرر، لكن الكاميرا كشفت عن وجه وسيم، شعر أشقر مسرح بعناية، ثغر ذو أسنان ناصعة البياض، تعلوه ضحكة خبيثة وكأنه توقع كل ما يدور في اﻷذهان، انفجرت القاعة بالتصفيق أحنى الضيف رأسه مرات متتالية محييا الجمهور – صاح الأم والأولاد بدهشة مثل هذا نراه كل يوم وساعة ودقيقة – وبدأت المقدمة باﻷسئلة
المذيعة: أهلا بك ضيفنا العزيز أهنئك على هذه الوسامة والذوق الرفيع قل لي بماذا أدعوك هل أناديك بالشيطان
لا عزيزتي هههه الشيطان اسم منفر وغير جميل على أذن السامع ثقيل على قلبه.. إذن ماذا أدعوك هل أقول سيدي مثلا هههههه
بإمكانك أن تدعوني بما تدعون به أهل اﻹحترام عندكم سيادة.. سعادة
بيك..باشا…قولي معاليك أو عطوفتك هههه أقبل ذلك بسرور
وأحب من ذلك ألقاب كأن تناديني مثلا ..نيافتك.. سماحتك هههه أقول لك سميني رفيقا.. قائدا… ما شئت ما شئت عزيزتي هههه
– سيادتك أخبرنا كيف يكون الشيطان شيطانا وهو بهذه الوسامة والجمال؟!!
– سيدتي الشيطنة ليست بالشكل لكنها باﻷفعال، فإغواء الناس وإغرائهم لا بد له من شكل جميل مع أفعال تبان أنها صحيحة وهي في ذاتها أفعالا تنزلق بها اﻷقدام إلى الهاوية