فى خيمة العاهرات (قصة قصيرة)
فرحات جنيدى | كاتب مصري
دعتني إلى مجلسها وعطرت الخيمة بالمسك، وزينت الطريق بالجميلات ينثرن الورد، و في الطريق اصطف فرسان مدينتها ينحنون بالرؤس فى إجلال وهم يلقون أسفل قدمي سيوفهم ودروعهم كأشجار هزتها رياح الخريف فتساقطت أوراقها اليابسة، تقدمت فداهمت جسدى رعشة، وتساقطت من فمِ السماء حبات ماء باردة فاصطدمت بالسيوف فتطايرت من حولها وجوه لشيوخ ورجال ونساء وشباب وأطفال فى الدماء غارقة، تلاشت من عينيّ الدهشة، وكُفنت مشاعر البهجة، ومضيت إليها مثقل الخطى كأننى ببيداء مرملة أو أرض موحلة ، دخلتُ فأفرغتْ الخيمة، وأشارت للخدم فاصطفوا يزينون مائدتها باللحم والخمر والأخضر والأحمر من العنبِ، وألقت فى حجر عبائتى أكياس من الذهب، قالت :اكتب فى هذين النهدين شعرًا، يسرى فى الناس كسريان الدم فى الوريد، هممتُ بالكف أضربها، طوقت رقبتي السيوف وعلت حولى الأصوات، قالوا: كن متحضرًا ودعك من هذه الحماقات، فخطابُ العزة للمسجد والشعر خُلِقَ للحانات، هممتُ بالخروج غاضبًا، فقالت ساخرة :ألست من هذا تقتات؟ قلت :نعم فلاحٌ أنا فأسي قلمي وأرضي الورق وبذورى الكلمات، أقرأ الكف وأضرب المنديل وأداعب أحلام الفتيات، أجيد التبصير ومبارزة الجن وحرق الساحرات، لكن تاريخي لم يشهد يومًا أني غزلت من الشعر ثوبًا يكسو أجساد العاهرات.