قراءة في ومضات أدبية …

هويدا غانم عبد العزيز | مصر

قراءة في بعض من الوميض الحائز على المراكز الثلاث الأولى في مسابقة وميض من خضم الفلسفة الخاص بالملتقى العربي للأدباء.

سأستهل مقدمتي وجوبا، بحدود منطقية. وعسى ألا أتجاوز الحدّ، وأفرط في الغلو . ليس بهدف الوقوف على ماهية الومضة، أو بيان السمو بين مكتشف ومبتكر ومهيمن، بل من أجل الوقوف على تعاريج اللغة.. وإن كنت لا أستطيع بخس حق ذوي العلم والأدب أو المنتسبين لهذا الجنس الأدبي الرائع أو التقليل من شأنه فكل منا يحمل فكرا ..

وهو صاحب رؤى ينطلق منها، وعلينا أن نحترمها وأن نتناولها بما هو مستحق من الدراسة والتحليل فالأدب قائم شئنا أم أبينا ..إنه كالطين الذى ينفخ فيه من روحنا ليعود بأحسن صورة ..وهو يكمن في فن الأدب كالخلق كما تناوله الأديب الراحل توفيق الحكيم وقدرة الكاتب على التجلى والابداع بطريقة مبتكرة . وما أراه في الملاحق الأدبية والثقافية من تَهَافت لاَ مَعْنَى لَهُ على المسميات و الذي يفصح عن نفسه دون عناء من الآخر ..

في مجمله صورة جمالية ذهنية بلاغية خاطفة , محاطة بلمحة فكرية وثقافية فارقة . ومعنى ذو دلالة موحية بأسلوب يعتمد التكثيف والايجاز لبناء جسر متواصل بين الذات الواعية والواقع يفتح المجال لتأويلات عدة.

وفي محاولة للتنظير لا أراها الا كبسولة أدبية زمنية تشظت في سماء الأدب من أجل بناء نسق إبداعي وما بين زمان ذاهب منصرم ومستقبل مقبل لا ذاكرة له يحاول اضمار ماسبقه بفكر ومنهجية جديدة وحاضر صَلَدَت أرضيته ..ولكن هيهات !!. كبسولة عديمة الفائدة بدأت بصنو لا نظير له وانتهت بالتلاشي وعُزُوف في رغبات العاكفين عليها كوجبات سريعة مُستساغة و مصبغة بمفاهيم تلائم روح العصر ، و كمن يكشف عن اضطرابات واشكالات المحدثين و ما دمنا نجهل الانطلاقة الحداثية وما بعد الحداثية للمسمى واختلط علينا الدَلاة بعظيم الاسناد لنعود للشواهد القرآنية والدرر السنية لتكون شاهدا على ما يحتويه الأدب من ايجاز بلاغي و أسس ومعايير فنية نقدية متقنة وكما جاء في رسالة الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلى كسرى : أسلم؛ تَسْلَم. ْ رواه البخاري. غاية الإيجاز ، ومنتهى الاختصار بالايفاء بالمعنى واللفظ . ونعود بلمحة تاريخية لأدب التوقيعات كما كتاب المظالم في العصر العباسي. – ووقع وكتب إلي صاحبُ مِصْر بنُقْصان النيل فوقع : طهِّرْ عسكركَ من الفسادِ؛ يعطِكَ النيلُ القيادْ . وكما هو معروف احجام العرب مما هو ثقيل على اللسان وميلهم إلى كل ماهو خفيف . قال تعالى { فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ } ٩٧ سورة مريم فسر جمال الايجاز اثارة العقل وتحفيزه بما يحرك الذهن ويمتع الفكر و النفس. فجمال الرشف بدايته واذا سكر الانسان فقد وعيه وعليه وعسى ألا تقوم القيامة فأنا هنا أعمل بمبدأ الأدب للأدب ، وعلى السمكة أن تقطع الصحراء ولتفرق بين الجمل و الجّمال . ومابين البنيوية الوصفية والتفكيكية نقف من خلاله وقفة البناء لا الهدم .

وكل كبسولة بين أيدينا جزأين متضامَّين (فعل ورد فعل ، قطبين أحدهما سالب وموجب ،سبب ونتيجة) وفي كل المنعطفات فالومضة البيت الواحد للحكمة  – الومضة كمصطلح مستجد وأسس البناء الفني – عنوان نكرة منفصل او مصدر يمكن أن يستبدل دون أن يكون لها أثر في التركيب البنائي للومضة –

فلقتي الومضة فعل ماض تكون مكثفة وموجزة و مباغتة و بين فعل القراءة وآليات التأويل يسعدني الوقوف على بعض من الوميض الحائز على المراكز الثلاث الأولى في مسابقة وميض من خضم الفلسفة الخاص بالملتقى العربي للأدباء

١- سنمار تمخضت الأرض سنابلا؛وأدوا سبولها. القاص //أنور يسر ــ اليمن –

سنمار يضرب به المثل “جزاء سنمار” في جزاء رد الإحسان بالإساءة اسم بناء رومي بَنَى للملك النعمان قَصْراً ، فلما أَتمه أَشرف به على أَعلاه ، رماه منه غَيْرَة منه أَن يبنى لغيره مثله ، وقيل أن سنمار دله على لبنة في القصر إن هو أزالها سقط البناء جميعه ..فضرب ذلك مثلاً لكل من فعل خيراً فجوزي بضدّه. .ولطالما تغنى الشعراء اليمنيون بالأرض والوديان والسهول وعلى رأسهم على بن زايد وما تقدمه الطبيعة الأم لأبنائها من خيرات تمخضت بمعنى تحرك الجنين كناية عن اقتراب الولادة للحياة فقوبلت باجحاد ونكران الا أن كلمة سبول هنا مازالت تفتح المجال لتأويلات الومضة في مجموعها تشير لجزاء سنمار . هل سبول الذرة ام سبول جمع سبيل أم اسم قرية من قرى اليمن الشقيق . جاءت الومضة رائعة ومباغتة وموجزة بما تحمله من دلالة . فشكرا لجمال ما سطر وكتب  –

2- تَسَلُّط جَاهرُوا بالتَّعدديَّةِ ؛ فرضُوا النَّهجَ الواحدَ. للكاتب // ياسين الغزالي / سورية

جاءت الومضة مستوفاة مراعية للمعايير المتعارف عليها في البناء سببا ونتيجة . تسلُّط : مصدر تَسَلَّطَ شرطي الومضة في الماضي تشير قطعا إلي وقوع الفعل واستجلاب الصورة إلى الزمن الحاضر ليصبح بارزا للعيان وشاهدا عليه وهنا يكشف الكاتب عن التناقض الذي يشوب المجتمع ويعتريه من تعسف قائم لجماعته دون الاستناد لقانون متعارف عليه أو قاعدة مبدئية مجتمع يرفض الحوار بين شخوصه وعدم تقبل فكرة الآخر وسيادة الأوامر العلوية. وفيما يقابله نجد التعددية وأي كانت التعددية ثقافية، ودينية، و حزبية يظل النظام المرتجي قائم على التعايش السلمي بين أفراده الجماعات والثقافات المختلفة . فحققت هدفها بلمحة ساخرة رافضة لما هو متبع . فشكرا لجمال ما سطر وكتب

3- تبرُّج سَلَخُوا جِلدَ الأُمَّةِ؛ أَلزَمُوهَا رَسمَ وَشم. د.مالك حجيرات / فلسطين 

تبرُّج: (اسم) تبرُّج : مصدر تبرَّجَ تبرجت : تَزَيَّنَتْ وَأَظْهَرَتْ مَحَاسِنَهَا وَحُلِيَّهَا لغير زوجها.

إن حركات التنوير التي شهدتها أمتنا العربية وما يعقبها من حركات جلد الذات العربية وتنصلها واستبدال القومية العربية ، بنظام القطرية والاستناد الى جزئيات في الايدلوجيات الدينية حد النزف وإراقة الدماء في وقت كان بعض المستشرقين يشيدون بالحضارة العربية والاسلامية من باب لتطوير والتغير ومواكبة كل حديث لا يتم بالانسلاخ منها وخلع كل ما هو قديم والا لصار الانسان مشوها ،عاريا من كل حقيقة إن الأمر أشبة بحركات الموضة وعمليات التجميل والحقن الذي شوهت كل جميل وفريد وأصيل فجاءت الومضة ساخرة رافضة للواقع المشوه . فشكرا لجمال ما سطر وكتب .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى